وَتَنْزِيلُهُ، إذا كان من معاني تَوْحِيدِهِ؛
فالصَّوابُ من القول في ذلك عندنا أنَّه كَلامُ الله، غَيْرُ مَخْلُوقٍ، كيف
كُتِبَ، وحيث تُلِيَ، وفي أيِّ مَوْضِعٍ قُرِئَ؛ في السَّماء وجد، وفي الأرض حيث
حفظ، في اللَّوح المحفوظ كان مَكْتُوبًا، أو في القلب حفظ، وباللِّسان لُفِظَ، فمن
قال غير ذلك أو ادَّعى أنَّ قرآنًا في الأرض أو في السَّماء سِوَى القرآن الَّذي
نتلوه بألسنتنا ونكتبه في مصاحفنا، أو اعتقد غير ذلك بقلبه، أو أضمره في نفسه، أو
قاله بلسانه دائنًا، فهو بالله كافر، حلال الدَّم والمال، بَرِيءٌ من الله، والله
منه بَرِيءٌ». انتهى.
وقال إِمَامُ
الأئمَّة أبو بكر محمَّدُ بْنُ خزيمة رحمه الله في كتاب «التَّوحيد»: «باب: ذكر
البيان من كتاب ربِّنا المنزَّل على نبيِّه المصطفى صلى الله عليه وسلم ومن سنَّة
نبيِّنا محمَّد صلى الله عليه وسلم على الفرق بين كلام الله عز وجل الَّذي به يكون
خلقه، وبين خلقه الَّذي يكون بكلامه وقوله، والدَّليل على نبذ قول الجهميَّة
الَّذين يزعمون أنَّ كلام الله مخلوق، جلَّ ربُّنا وعزَّ عن ذلك».
ثمَّ ساق الأدلَّة،
وقال أيضًا: «باب: من الأدلَّة الَّتي تدلُّ على القرآن كلام الله الخالق، وقوله
غير مخلوق، لا كما زعمت الكفرة من الجهميَّة المعطِّلة». انتهى.
وقال أبو الحَسَن
الأشعريُّ في كتاب «الإبانة»: «ومن قال: «إنَّ القرآن غير مخلوق، وإنَّ من قال
بِخَلْقِهِ كافر» من العلماء وَحَمَلَةِ الآثار وَنَقَلَةِ الأخبار لا يُحْصَوْنَ
كَثْرَةً؛ منهم: الحمَّادان، والثَّوريُّ، وعبد العزيز بن أبي سَلَمَةَ، ومَالِكُ
بْنُ أَنَسٍ، والشَّافعيُّ، وأصحابه، واللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وسُفْيَانُ بْنُ
عُيَيْنَةَ، وهشام، وعيسى بن يونس،