ومن أعظم تلك الأسباب: ترك المذاهب الباطلة، والانحرافات المضلَّة، وما لم تترك، فالوَحْدَةُ
متعذِّرَةٌ.
قال تعالى: ﴿فَتَقَطَّعُوٓاْ أَمۡرَهُم
بَيۡنَهُمۡ زُبُرٗاۖ كُلُّ حِزۡبِۢ بِمَا لَدَيۡهِمۡ فَرِحُونَ﴾ [المؤمنون: 53].
وهذا ذَمٌّ لهم على بَقَائِهِمْ عَلَى تفرُّقهم في الدِّين، ومقالاتهم الخاطئة.
الوجه الثالث: أنَّ التَّفرُّقَ
في العقيدة لا يمكن معه الاجتماع، وفضيلة السَّيَّابيِّ يدعونا للبقاء على
تفرُّقنا في العقيدة، ثمَّ يطالبنا بالاتِّحاد أمام عدوِّنا، وهذا تَنَاقُضٌ
ظَاهِرٌ، تأخذ القَارِئَ منه الدَّهْشَةُ، وَيَذْهَبُ بِهِ الاسْتِغْرَابُ كلَّ
مَذْهَبٍ.
وأمَّا فَتْوَى
الشَّيْخِ عَبْدِ العَزِيزِ فإنَّها تَدْعُو إلى القَضَاءِ على الأَسْبَابِ الَّتي
تَمْنَعُ تَحَقُّقَ الوَحْدَةِ بين المسلمين، وَمِنْ أَهَمِّها:
المَذَاهِبُ المُنْحَرِفَةُ، والنِّحَلُ الضَّالَّةُ.
فما وجه الغرابة
والدَّهشة الَّتي ادَّعاها السَّيَّابيُّ فيها؟!ـ
إنَّه قبل ظهور هذه المذاهب والنِّحَل، وَيَوْمَ أن كان المسلمون على عقيدة واحدة، واعتماد على الكتاب والسُّنَّة، وَهُمْ أُمَّةٌ وَاحِدَةٌ، وقد وقفوا صفًّا واحدًا أمام عدوِّهم، وفتحوا البلاد، وسادوا العباد بالعلم والدِّين؛ مصداقًا لقوله صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا، كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّتِي» ([1])، وَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي تَمَسَّكوا بِهَا، وَعُضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُْمُورِ؛ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ» ([2]).
([1])أخرجه: الحاكم رقم (319)، والبيهقي رقم (4606).