×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الأول

الخطَّاب ومعاوية بن أبي سفيان ومن بحضرتهما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتَّابعين لهم بإحسان لمَّا أجدبوا، استسقوا، وتوسَّلوا، واستشفعوا بمن كان حيًّا؛ كالعبَّاس، وكيزيد بن الأسود، ولم يتوسَّلوا، ولم يستشفعوا، ولم يستسقوا في هذه الحال بالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ؛ لا عند قَبْرِهِ، ولا عند غير قَبْرِهِ، بل عَدَلُوا إلى البَدَلِ؛ كالعبَّاس، وكيزيد، بل كانوا يصلُّون عليه في دعائهم، وقد قال عمر: «اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا، وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا» ([1]).

فجعلوا هذا بَدَلاً عن ذلك لمَّا تعذَّر أن يتوسَّلوا به على الوجه المشروع الَّذي كانوا يفعلونه، وقد كان من الممكن أن يأتوا إلى قبره، فيتوسَّلوا به، ويقولوا في دعائهم في الصَّحراء بالجاه، ونحو ذلك من الألفاظ الَّتي تتضمَّن القسم بمخلوق على الله عز وجل أو السُّؤال به، فيقولون: نسألك - أو نُقْسِمُ عليك - بنبيِّك، أو بجاه نبيِّك، ونحو ذلك ممَّا يفعله بعض النَّاس». انتهى.

والحاصل: أنَّ التَّوسُّلَ المشروع هو التَّوسُّلُ إلى الله تعالى بأسمائه، وصفاته، كما قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰ فَٱدۡعُوهُ بِهَاۖ [الأعراف: 180]، وكذا التَّوسُّل إلى الله بالأعمال الصَّالحة، كما في قوله تعالى: ﴿رَّبَّنَآ إِنَّنَا سَمِعۡنَا مُنَادِيٗا يُنَادِي لِلۡإِيمَٰنِ أَنۡ ءَامِنُواْ بِرَبِّكُمۡ فَ‍َٔامَنَّاۚ رَبَّنَا فَٱغۡفِرۡ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرۡ عَنَّا سَيِّ‍َٔاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ ٱلۡأَبۡرَارِ [آل عمران: 193] الآية، وكما في حديث الثَّلاثة الَّذين انطبقت عليهم الصَّخرة ([2])، فتوسَّلوا إلى الله بصالح


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (1010).

([2])أخرجه: البخاري رقم (2215)، ومسلم رقم (2743).