×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الأول

أعمالهم، ففرَّج عنهم، وكذا التَّوسُّل بدعاء الصَّالحين الأحياء، كما توسَّل الصَّحابة بدعاء العبَّاس، ويزيد بن الأسود في الاستسقاء.

أمَّا التَّوسُّل بالأموات والغائبين، فإنَّه مَمْنُوعٌ غَيْرُ مَشْرُوعٍ، وَمَنْ أجازه، فإنَّه لا دَلِيلَ معه، والعباداتُ مَبْنَاهَا على التَّوقيفِ؛ فَقَوْلُ مَنْ أَجَازَهُ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ؛ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ» ([1]). واللهُ أَعْلَمُ.

خامسًا: نَقَلَ البهنساويُّ مَقَاطِعَ مِنْ كَلامِ شيخ الإسلام ابن تيميَّة في مواضع من فتاويه متفرِّقة في موضوع التَّوسُّل، واستنتج منها أنَّ الشَّيْخَ لا يقول بكفر المتوسِّل إلى الله بالأشخاص، بل نسب إليه أنَّه يقول بجواز التَّوسُّل، ولم ينقل هذه النُّقولات أيضًا بأمانة، بل نقلها نَاقِصَةً مَبْتُورَةً، وهذا ممَّا يتنافى مع أمانة العلم. وإليك بيان ذلك:

1- قال: «والإمام ابن تيميَّة لا يقول بكفر من توسَّل بالدُّعاء، مع إنكاره لأكثره، فقد قال: «يقول بعضُهم إذا كانت لك حاجة، اسْتَوْصِ الشَّيْخَ فلانًا؛ فإنَّك تجده، أو توجِّه إلى ضَرِيحِهِ خطوات، وَنَادِهِ؛ يَقْضِ حاجتك، وهذا غلط لا يَحِلُّ فِعْلُهُ». ويقول: «والعجب من ذي عقل سليم يستوصي مَنْ هو ميِّتٌ؛ يستغيث به، ولا يستغيث بالحيِّ الَّذي لا يموت، ويقوِّي الوهم عنده أنَّه لولا استغاثته بالشَّيخ الميِّت، لما قُضِيَتْ حاجته. فهذا حرام فِعْلُه».

هكذا ساق البهنساويُّ هذا النَّقلَ عن الشَّيخ؛ ليستشهد به على أنَّه لا يقول بكفر المتوسِّل في الدُّعاء، ولعلَّه أخذ هذا من قول الشَّيخ: «وهذا غلطٌ، لا يحلُّ فِعْلُهُ»، ومن قوله: «فهذا حرامٌ فعله».


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (2697)، ومسلم رقم (1718).