فقد أخطأ حسن
البنَّا، وأخطأ الكاتب في نسبته هذا المذهب الباطل إلى السَّلف.
وقال شيخ الإسلام
ابن تيميَّة رحمه الله في ردِّ هذه النِّسبة الباطلة في «مجموع الفتاوى» (5/ 9) ما
نصُّه: «فإنَّ هؤلاء المبتدعين الَّذين يفضِّلون طريقة الخلف من المتفلسفة ومن حذا
حذوهم على طريقة السَّلف، إنَّما أُوتوا من حيث ظنُّوا أنَّ طَرِيقَةَ السَّلفِ هي
مُجَرَّدُ الإِيمان بألفاظ القرآن والحديث؛ من غير فِقْهٍ لذلك؛ بمنزلة
الأُمِّيِّين الَّذينَ قال اللهُ فيهم: ﴿وَمِنۡهُمۡ أُمِّيُّونَ لَا يَعۡلَمُونَ ٱلۡكِتَٰبَ إِلَّآ أَمَانِيَّ﴾ [البقرة: 78]،
وأنَّ طَرِيقَةَ الخَلَفِ هي اسْتِخْرَاجُ مَعَانِي النُّصُوصِ المَصْرُوفَةِ عن
حَقَائِقِهَا بأنواع المَجَازَاتِ، وَغَرَائِبِ اللُّغَاتِ». انتهى.
ثمَّ مِنْ عَدَمِ
تأمُّل البهنساويِّ وتناقضه العجيب أن يحاول التَّفريق بين التَّفويض وأهل
التَّفويض، فيقول: «إنَّ التَّفويض في اللُّغة عدم التَّأويل والتَّعطيل،
وترك الأمر إلى الله».
وأمَّا أهل
التَّفويض عنده: «فهم فئة معلومة، تعارفوا على تأويل آيات الصِّفات، وهؤلاء يخالفون
السَّلف».
وقد تناقض في هذا مع
نفسه؛ حيث قال في الأوَّل: «إنَّ التَّفويض معناه ترك التَّأويل»، وقال
في الآخر: «إنَّ أَهْلَ التَّفويض فِئَةٌ تَعَارَفُوا على تأويل الصِّفات».
فكيف يكون هَؤُلاءِ أَهْلَ تَفْوِيضٍ وهم متعارفون على تأويل الصِّفات، وأنت تقول: إنَّ التَّفويضَ هو تَرْكُ التَّأويل؟! كيف يَكُونُ التَّأويلُ تَفْوِيضًا وَتَرْكُهُ تَفْوِيضًا؟!