ثالثًا: نَقَلَ البَهْنَسَاوِيُّ عِبَارَةَ الشَّيْخِ حَسَنِ البنَّا في موضوع
التَّوسُّل حيث قال: «والدُّعاء إذا قُرِن بالتَّوسُّل إلى الله بِأَحَدٍ
مِنْ خَلْقِهِ خلافٌ فرعيٌّ في كيفيَّة الدُّعاء، وليس من مَسَائِلِ العقيدة».
ثمَّ نَقَلَ قَوْلَ
المعترضين على هذه العبارة؛ حيث قالوا بأنَّها تُوقِعُ في الشِّرك الصَّريح، ثمَّ
قال: «ليس صحيحٌ أنَّ كلام الشَّيخ حسن البنَّا عن التَّوسُّل يؤدِّي إلى
الشِّرك الصَّريح، وأنَّ من أثبت وسائط بين الله وخلقه فهو مشرك يُقْتَلُ ردَّة
كما يقولون».
والجواب عن ذلك:
1- قول الشَّيخ حسن
البنَّا بأنَّ التَّوسُّل إلى الله بأحد خَلْقِهِ خِلافٌ فرعيٌّ، وليس من
مَسَائِلِ العقيدة، قَوْلٌ ظَاهِرُ البُطْلانِ؛ لأنَّ الدُّعَاءَ مِنْ صَمِيمِ
العقيدة، بل هو أعظم أنواع العبادة؛ كما قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «الدُّعَاءُ
هُوَ الْعِبَادَةُ» ([1]).
قد سمَّاه اللهُ
دِينًا، وَأَمَرَ بإخلاصه له؛ كما قال تعالى: ﴿فَٱدۡعُواْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ﴾ [غافر: 14].
وسمَّاه عِبَادَةً في قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدۡعُونِيٓ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ
يَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِي سَيَدۡخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر: 60].
وكيفيَّةُ الدُّعَاءِ لا خِلافَ فيها بين أهل العلم؛ وهى أن نَدْعُو الله - سبحانه - مباشرةً؛ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةِ أَحَدٍ؛ فالله قال: ﴿ٱدۡعُونِيٓ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ﴾، ولم يَقُلْ: ادْعُونِي بِوَاسِطَةِ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِي.
([1])أخرجه: أبو داود رقم (1479)، والترمذي رقم (2969)، وابن ماجه رقم (3828)، وأحمد رقم (18391).