وهذا بخلاف الإِسلام
الَّذي يجمع بين الجنسيَّات المختلفة، ويوحِّد بينهما، ويؤلِّف بين قلوبها، حتَّى
تكون جماعة واحدة، لا فضل لعربيِّها على عجميِّها، ولا لأبيضها على أسودها، إلاَّ
بالتَّقوى؛ ﴿إِنَّ
أَكۡرَمَكُمۡ عِندَ ٱللَّهِ أَتۡقَىٰكُمۡۚ﴾ [الحجرات: 13].
الوجه الثَّالث: في
قول: «إنَّ المسمَّياتِ الثَّلاثة الإسلام والعروبة والقوميَّة ليست سوى أشكال
مجازيَّة لمضمون واحد».
هذا القول فيه تمويه
على الجهَّال، والأغرار؛ بأنَّ الإِسلامَ يقرُّ الانتماء إلى العنصريَّات
والقوميَّات، وأنَّ العروبةَ والقوميَّة تسدُّ مسدَّ الإِسلام!!
ولا يخفى ما في هذا
الدَّسِّ من المغالطة، والخطورة، على من لم يعرف حقيقة الإِسلام، وحقيقة
الجاهليَّة، رضي الله عن أمير المؤمنين عمر بن الخطَّاب حيث يقول: «إنَّما
تُنْقَضُ عُرَى الإِسْلام عُرْوَة عُرْوَة إِذَا نَشَأَ في الإِسْلاَم مَن لاَ
يَعْرِفُ الجَّاهِليَّةَ».
فالإِسلام لا يقرُّ
العنصريَّات والنَّعرات القوميَّة، بل يحاربها، ويندِّد بها؛ قال الله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ
إِنَّا خَلَقۡنَٰكُم مِّن ذَكَرٖ وَأُنثَىٰ وَجَعَلۡنَٰكُمۡ شُعُوبٗا وَقَبَآئِلَ
لِتَعَارَفُوٓاْۚ إِنَّ أَكۡرَمَكُمۡ عِندَ ٱللَّهِ أَتۡقَىٰكُمۡۚ﴾ [الحجرات: 13].
فأرجع البشر كلَّهم إلى أَبٍ واحد، وأمٍّ واحدة، لا فضل لأحد منهم على آخر إلاَّ بالتقوى، وقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللهَ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الجَاهِليَّةِ، وَتَفَاخُرَهَا بِالآَبَاءِ، كلُّكُمْ لآَدَمَ، وَآَدَمُ مِنْ تُرَابٍ، لا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلا لأَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، إلاَّ بِالتَّقْوَى» ([1]).
([1])أخرجه: أبو داود رقم (5116)، والترمذي رقم (3956)، وأحمد رقم (10781).