إنَّ مساواةَ
الإِسلام بالعروبة والقوميَّة مساواة بين الشَّيء وضدِّه، مساواة بين الهدى
والضَّلال، وبين الضِّياء والظَّلام، بل لو قيل: إنَّ الإِسلام أحسن من القوميَّة
والعروبة، لكان في هذا تنقُّص وهضم له؛ كما قيل:
أَلَمْ تَرَ أَنَّ
السَّيْفَ يَنْقُصُ قَدْرُهُ *** إِذا قِيلَ إِنَّ السَّيفَ أَمْضَى مِنَ العَصا
فكيف إذا قيل: إنَّ الإِسلامَ
والعروبة والقوميَّة ليست سوى أشكال لمضمون واحد؟! هل هذا إلاَّ من أعظم المغالطة
والخلط والتَّضليل؟! وهل يقول هذا إلاَّ من لا يفرِّق بين الإِسلام والجاهليَّة،
أو يقصد الإيهام والتَّضليل؟!
نسأل الله أن يهدينا
إلى معرفة الحقِّ، والعمل به، وأن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا.
ثمَّ يمضي الكاتب في
تسويته بين المتضادَّات، فيزعم أنَّ اختلافَ العقائد يمثِّل بحدِّ ذاته عنصرًا
تكامليًّا، حيث يقول: «إنَّ الدِّينَ في مضمونه إنسانيٌّ، واختلاف التَّعاليم من
اعتقاد إلى آخر يمثِّل بحدِّ ذاته عنصرًا تكامليًّا ضمن واقع الانطلاق الفكريِّ
والحركيِّ المستمرِّ علوًّا حتَّى أفضل مسيرة إنسانيَّة».
وهذا معناه
التَّسوية بين عقيدة التَّوحيد، وعقيدة الشِّرك، وعقيدة المسلمين، وعقيدة
النَّصارى الَّذين يقولون: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ ثَالِثُ ثَلَٰثَةٖۘ﴾ [المائدة: 73] !! وإلاَّ فأيُّ معنى لقوله: «واختلاف التَّعاليم من اعتقاد
إلى آخر يمثِّل بحدِّ ذاته عنصرًا تكامليًّا»؟! أليس معناه أنَّ كلَّ اعتقاد يلتقي
مع الاعتقاد الآخر ويكمِّله؟!
إنَّ الاعْتِقَادَ
الصَّحِيحَ اعْتِقَادٌ وَاحِدٌ لا اخْتِلافَ فيه، هو عقيدة التَّوحيد الَّتي بعث
الله بها جميع رسله؛ قال تعالى: ﴿وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِي كُلِّ أُمَّةٖ