4- قوله:
«وناهيك من قوله تعالى: ﴿وَمَا
كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمۡ وَأَنتَ فِيهِمۡۚ﴾ [الأنفال: 33] ».
نأخذ عليه في ذلك
مأخذين:
المأخذ الأوَّل: أنَّه لم يكمل
الآية الكريمة بذكر بقيَّتها؛ وهي قوله: ﴿وَمَا كَانَ ٱللَّهُ مُعَذِّبَهُمۡ وَهُمۡ يَسۡتَغۡفِرُونَ﴾ [الأنفال: 33].
المأخذ الثَّاني: أنَّه لم يُبَيِّن
المراد من الآية، وأنَّ المَقْصُودَ منها أنَّ وُجُودَ النَّبيِّ صلى الله عليه
وسلم حيًّا بين أظهرهم ضَمَانَةٌ لهم من وقوع العذاب، أمَّا بعد خروجه من بين
أظهرهم بالهجرة، أو بوفاته صلى الله عليه وسلم ؛ فقد فُقِدَت هذه الضَّمانة، ولم
يبق إلاَّ الضَّمانة الثَّانية، وهي الاستغفار.
قال ابن عبَّاس رضي
الله عنهما: «كَانَ فِيهِمْ أَمَانَانِ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم،
وَالاِسْتِغْفَارُ، فَذَهَبَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وَبَقِيَ
الاِسْتِغْفَارُ» ([1]).
وقال أيضًا: «إنَّ
اللهَ جَعَلَ في هذه الأمَّة أمانين، لا يزالان معصومين مجارين من قوارع العذاب،
ما داما بين أظهرهم؛ فأمانٌ قبَضَه الله إليه، وأمان بقي فيكم؛ «يعني: الاستغفار»».
ذَكَرَ ذلك ابْنُ كثير، ثمَّ ذكر ما رواه التِّرمذيُّ بسنده عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم أنَّه قال: «أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيَّ أَمَانَيْنِ لأُِمَّتِي: ﴿وَمَا كَانَ ٱللَّهُ
لِيُعَذِّبَهُمۡ وَأَنتَ فِيهِمۡۚ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ مُعَذِّبَهُمۡ وَهُمۡ يَسۡتَغۡفِرُونَ﴾ [الأنفال: 33]،
فَإِذَا مَضَيْتُ تَرَكْتُ فِيهِمُ الاِسْتِغْفَارَ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ» ([2]).
5- قوله يخاطب النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم: «وما اختصَّ الله تعالى أحدًا ممَّن شاء أو يشاء ببعض ما اختصَّك به». هذا القول فيه غلوٌّ وَتَقَوُّلٌ على الله