مع أنَّنا لا نشكُّ
في مشروعيَّة زيارة قبره صلى الله عليه وسلم الزِّيارة الشَّرعيَّة، وفضيلتها، لكن
بدون غُلُوٍّ، وبدون سفر، بل كما كان بَعْضُ الصَّحابة يفعل؛ فقد كان ابْنُ عُمَرَ
إذا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ يَقُولُ: «(السَّلام عليك يا رسول الله، السَّلام عليك يا
أبا بكر، السَّلام عليك يا أبت»)، ثمَّ ينصرف، ولم يكن يفعل هذا دائمًا، بل يفعله
إذا قدم من سفر، ولم يكن هو ولا غيره إذا كانوا مقيمين بالمدينة يأتون قبر النَّبيِّ
صلى الله عليه وسلم ويتردَّدون عليه؛ لأنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم نهى عن
اتِّخاذ قبره عيدًا بالتَّردُّد عليه.
4- ثمَّ قال
الدُّكتور: «وقد وردت أحاديث كثيرة تنصُّ على زيارة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم
منها: «مَنْ زَارَنِي بَعْدَ مَوْتِي، فَكَأنَّمَا زَارَنِي فِي حَيَاتِي»،
و«مَنْ زَارَ قَبْرِي، وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي»، و«مَنْ حَجَّ وَلَمْ
يَزُرْنِي، فَقَدْ جَفَانِي»، وهذه الأحاديث وإن طُعِنَ في أسانيدها، إلاَّ
أنَّها بتعدُّدها وكثرتها تتقوَّى وتعتضد كما يقول رجال الحديث». انتهى كلامه.
والجواب عنه أن
نقول:
أولاً: لم يبيِّن
الدُّكتور نوعيَّة الطَّعن في أسانيد هذه الأحاديث؛ لأنَّه يخشى أن ينكشف أمرها
للقرَّاء؛ لأنَّها قد طعن فيها الحفَّاظ بالضَّعف المتناهي في بعضها، وبعضُها
الآخر قالوا: إنَّه موضوع.
قال الإمام الحافظ
ابن عبد الهادي في ردِّه على السُّبكيِّ: «وجميع الأحاديث الَّتي ذكرها المعترض في
هذا الباب وزعم أنَّها بضعة عشر حديثًا ليس فيها حديث صحيح، بل كلُّها ضعيفة
واهية، وقد بلغ الضَّعْفُ ببعضها إلى أَنْ حكم عليه الأئمَّة الحفَّاظ بالوضع».
وقال أيضًا: «فقد
تبيَّن أنَّ جميع الأحاديث الَّتي ذكرها المعترض في هذا الباب ليس فيها حديث صحيح،
بل كلُّها ضعيفة، أو موضوعة