ولنا عليه ملاحظات:
الأولى: تحديده مكان
الصَّلاة عند المنبر، وأن يجعل عموده بحذاء منكبه الأيمن، تحديدٌ لا دليل عليه، بل
الدَّليل على خلافه؛ لأنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «مَا بَيْنَ
بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ» ([1]).
فكلُّ ما بين بيته
صلى الله عليه وسلم ومنبره فاضلٌ، بل قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «صَلاةٌ
فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلاةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ المَسَاجِدِ؛
إلاَّ المَسْجِدَ الحَرَامَ» ([2]). فجعل المسجد
النَّبويَّ كلَّه مكانًا لفضيلته؛ فَلِمَ تحجَّرتَ واسعًا أيُّها الدُّكتور، وحصرت
الفضيلة في مكان ضيِّق، من غير دليل؟!
ثمَّ لماذا قلت: «بين القبر
الشَّريف والمنبر»، والرَّسول صلى الله عليه وسلم يقول: «مَا بَيْنَ
بَيْتِي وَمِنْبَرِي» ([3])، ولم يَصِحَّ أنَّه
قال: «ما بين قبري ومنبري»؟! وإنَّما هذه رواية قالوا: إنَّها رُوِيَتْ بالمعنى.
والملاحظة
الثَّانية: على قوله: «ثمَّ يسجد لله شكرًا»، فما دليله على مشروعيَّة سجود الشُّكر
في هذا الموضع؟! فإنَّ العبادات لا تثبت إلاَّ بالدَّليل، وقد كان الصَّحَابَةُ
وسَائِرُ المسلمين يدخلون المسجد النَّبويَّ، وما ذُكِر أنَّهم يسجدون سجود
الشُّكر.
الملاحظة الثالثة: ما الَّذي يُدريه
أنَّ هذا المكان بالذَّات هو موقف الرَّسول؟ ثمَّ لو كان، فما الدَّليل على أنَّه
يُشْرع الصَّلاة فيه خاصَّة؟
6- ثمَّ قال الدُّكتور: «ويقف «يعني: عند السَّلام على النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم » كما يقف في الصَّلاة».
([1])أخرجه: البخاري رقم (1195)، ومسلم رقم (1390).