وأمَّا الأثر الَّذي
ذكرتموه عن عبد الله بن مسعود: «مَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا...» ([1]). إلخ، فهو يعني ما
أجمع عليه المسلمون. وهل الاحتفال بالمولد كذلك قد أجمع عليه المسلمون؟! لا.
ثمَّ قولكم عن هذا
الأثر: «رواه الإِمام أحمد مرفوعًا إلى الصَّحابيِّ»؛ لا أدري كيف غاب عنكم أنَّ
المرفوع هو ما كان ينتهي إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، أمَّا ما كان إلى
الصَّحابيِّ فيسمَّى موقوفًا.
3- قولكم عن يوم
الجمعة: «إنَّه وُلِدَ فيه آَدَمُ»، مع أنَّ آَدَمَ عليه السلام لم يولد،
وإنَّما خُلِق، فلعلَّ هذا سبق قلم، ومقصودكم - حفظكم الله - أن يعَظَّم يوم مولد
الرَّسول صلى الله عليه وسلم كما عُظِّمَ يوم الجمعة؛ لوقوع خلق آدم فيه.
والجواب عن ذلك: أنَّ يوم الجمعة
فضِّل لمزايا كثيرة تزيد عن أربعين مزيِّة ذكرها ابن القيِّم في «زاد المعاد»،
وألَّف في خصائص يوم الجمعة مؤلَّفات.
ثمَّ إنَّ تَعْظِيمَ
يَوْمِ الاثنين الَّذي وُلِد فيه الرَّسول صلى الله عليه وسلم يكون بما شَرَعَهُ
صلى الله عليه وسلم من صيام هذا اليوم؛ فلا يُحْدَث فيه عبادة لم يشرعها، مع أنَّ
مزيَّةَ يوم الاثنين لا تقتصر على حصول ولادة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فيه،
بل له مزايا أخرى ذكرها النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم.
4- قولكم: «إنَّ
البِدْعَةَ يجب أن تُعْرَض على أدلَّة الشَّرع، فإن كان فيها مَصْلَحَةٌ، فهي
واجبة...»، فنقول:
أوَّلاً: الوجوب حكم شرعيٌّ، ولا بدَّ له من دليل شرعيٍّ، وهذا التَّقسيم الَّذي ذكرته لا دليل عليه، بل الدَّليل يدلُّ على أنَّ كلَّ البدع حرام.
([1])أخرجه: أحمد رقم (3600)، والحاكم رقم (4465).