وكما أشرنا في
ابتداء هذه المقالة: إنَّه ينبغي مطالعة وقراءة سيرته العطرة، وقراءتها على
المسلمين، وتقريرها في المدارس والجامعات؛ لاقتباس القدوة الحسنة منها.
هذا هو المشروع في
حقِّه صلى الله عليه وسلم مع إجلاله، واحترامه، وتوقيره، وتعظيم كلامه، وأحاديثه،
وامتثال أوامره، واجتناب مناهيه؛ فكلُّ طاعة يفعلها المسلم، فإنَّه يتذكَّر بها
رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويجدِّد محبَّته له؛ لأنَّه هو الَّذي دلَّه عليها،
وأرشده إليها، وله صلى الله عليه وسلم من الأجر مثل أجر من عَمِلَهَا، من غير أن
ينقص من أجره شيئًا.
إذا فعل المسلمون
ذلك، لم تزل ذكرى الرَّسول صلى الله عليه وسلم معهم ليلاً ونهارًا، في كلِّ يوم،
وفي كلِّ شهر؛ لا في يوم مولده، أو شهر مولده خاصَّة.
بل إنَّ المُسْلِمَ
حين يقرأ القرآن الكريم تتردَّد عليه ذكرى الرَّسول صلى الله عليه وسلم في الآيات
الَّتي فيها مخاطبته، والآيات الَّتي فيها الثَّناء عليه، والآيات الَّتي فيها أمر
الأمَّة بطاعته، واتِّباعه، وغير ذلك.
ثم لِيُعْلَم أنَّ
عَمَلَ المَوْلَدِ مع كونه بِدْعَةً، فهو تشبُّه بالنَّصارى الَّذين يحتفلون بذكرى
مولد المسيح وقد نُهينا عن التَّشبُّه بهم في هذا، وفي غيره ممَّا هو من خصائصهم
وصفاتهم؛ قال صلى الله عليه وسلم: «لاَ تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى
ابْنَ مَرْيَمَ» ([1]).
وعمل المولد في الإِسلام إنَّما حدث بعد القرون المفضَّلة في القرن السَّادس، ولم يَكُنِ الَّذي أَحْدَثَهُ مِنْ علماء المسلمين، ولم يكن بفتوى من علماء المسلمين، بل أحدثه ملك من الملوك قلَّد به من حوله من
([1])أخرجه: البخاري رقم (3445).