4- قد يقولون: الاحتفال بذكرى المولد النَّبويِّ أحدثه ملك عادل عالم، قصد به التَّقرُّب إلى الله.
والجواب عن ذلك أن
نقول: البدعة لا تُقْبَلُ من أيِّ أحد كان، وحسن القصد لا يبرِّر العمل السَّيِّئ،
وكونه عالمًا وعادلاً لا يقتضي عصمته.
5- قولهم:
إنَّ إقامة المولد من قبيل البدعة الحسنة، لأنَّه ينبئ عن الشُّكر لله على وجود
النَّبيِّ الكريم.
ويجاب عن ذلك بأن
يقال: ليس في البدع شيء حسن؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَحْدَثَ فِي
أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْه فَهُوَ رَدٌّ» ([1])، ويقال أيضًا:
لماذا تأخَّر القيام بهذا الشُّكر على زعمكم إلى آخر القرن السَّادس، فلم يقم به
أفضل القرون من الصَّحابة والتَّابعين وأتباع التَّابعين، وهم أشدُّ محبَّةً
للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وأحرص على فعل الخير، والقيام بالشُّكر، فهل كان
مَنْ أحدث بدعة المولد أهدى منهم، وأعظم شكرًا لله عز وجل ؟ حاشا وكلاَّ.
6- قد يقولون:
إنَّ الاحْتِفَالَ بذكرى مولده صلى الله عليه وسلم ينبئ عن محبَّته؛ فهو مظهر من
مظاهرها، وإظهار محبَّته صلى الله عليه وسلم مشروع.
والجواب أن نقول: لا شكَّ أنَّ محبَّتَه صلى الله عليه وسلم واجِبَةٌ على كلِّ مسلم، أعظم من محبَّة النَّفس والولد والوالد والنَّاس أجمعين، بأبي هو وأمِّي صلوات الله وسلامه عليه، ولكن ليس معنى ذلك أن نبتدع في ذلك شيئًا لم يشرعه لنا، بل محبَّته تقتضي طاعته واتِّباعه؛ فإنَّ ذلك من أعظم مظاهر محبَّته، كما قيل:
([1])أخرجه: البخاري رقم (2697)، ومسلم رقم (1718).