×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الأول

لَوْ كَانَ حُبُّكَ صَادِقًا لأَطَعْتَهُ *** إِنَّ المُحِبَّ لِمَنْ يُحِبُّ مُطِيعُ

فمحبَّته صلى الله عليه وسلم تقتضي إحياء سنَّته، والعضَّ عليها بالنَّواجذ، ومجانبة ما خالفها من الأقوال والأفعال، ولا شكَّ أنَّ كلَّ ما خالف سنَّته، فهو بدعة مذمومة، ومعصية ظاهرة، ومن ذلك الاحتفال بذكرى مولده، وغيره من البدع، وحسن النِّيَّة لا يبيح الابتداع في الدِّين؛ فإنَّ الدِّينَ مبنيٌّ على أصلين: الإخلاص، والمتابعة؛ قال تعالى: ﴿بَلَىٰۚ مَنۡ أَسۡلَمَ وَجۡهَهُۥ لِلَّهِ وَهُوَ مُحۡسِنٞ فَلَهُۥٓ أَجۡرُهُۥ عِندَ رَبِّهِۦ وَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ [البقرة: 112] ؛ فإسلام الوجه هو الإِخلاص لله، والإِحسان هو المتابعة للرَّسول، وإصابة السُّنَّة.

وخلاصة القول: إنَّ الاحْتِفَالَ بذكرى المولد النَّبويِّ بأنواعه واختلاف أشكاله بِدْعَةٌ مُنْكَرَةٌ، يجب على المسلمين منعها، ومنع غيرها من البدع، والاشتغال بإحياء السُّنن، والتَّمسُّك بها، ولا يُغْتَرُّ بمن يروِّج هذه البدعة، ويدافع عنها؛ فإنَّ هذا الصِّنْفَ يكون اهتمامُهم بإحياء البدع أكثر من اهتمامهم بإحياء السُّنَن، بل ربَّما لا يهتمُّون بالسُّنَن أصلاً، ومن كان هذا شَأْنُهُ، فلا يجوز تقليده والاقتداء به، وإن كان هذا الصِّنْفُ هم أَكْثَرَ النَّاس؛ إنَّما يُقْتَدَى بمن سار على نهج السُّنَّة من السَّلف الصَّالح وأتباعهم، وإن كانوا قليلاً؛ فالحقُّ لا يُعْرَفُ بالرِّجال، وإنَّما يعرف الرِّجالُ بالحَقِّ؛ قال صلى الله عليه وسلم: «فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي، عضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُْمُورِ؛ فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ» ([1])؛ فبيَّن لنا صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الشَّريف بمن نقتدي عند الاختلاف، كما بيَّن أنَّ كلَّ ما خالف السُّنَّة من الأقوال والأفعال فهو بدعة، وكلُّ بدعة ضلالة.


الشرح

([1])أخرجه: أبو داود رقم (4607)، وابن ماجه رقم (42)، وأحمد رقم (17144).