×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الأول

الحساب يخطئ ويصيب، وفرقٌ بين مَن يعلن ذلك ويجزم به، وبين مَن يخبر عن أهل الحساب أنَّهم يقولون ذلك، ولا سيَّما إذا لم يخبر به العوامَّ، وإنَّما يُخْبِرُ به الخواصَّ.

وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله عن قول أهل الحساب: الشَّمس سَيُكْسَف بها في وقت كذا، فأفتى أنَّ حكم ذلك حكم أخبار بني إسرائيل الَّتي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَخْبَرَكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَلاَ تُصَدِّقُوهُمْ، وَلاَ تُكَذِّبُوهُمْ» ([1]).

قال الشَّيخ محمَّد بن إبراهيم: «والعلَّة في النَّهي عن تصديق أهل الكتاب وتكذيبهم هي احتمال أن يكون ما ذكروه حقًّا، فيكون مَن كذَّبهم مكذِّبًا بحقٍّ، واحتمال أن يكون ما أخبروا به كذبًا، فيكون مَن صدَّقهم مصدِّقًا بالكذب.

فهكذا أخبار المخبرين عن الكسوف والخسوف، قد يكونون مصيبين في حسابهم، فيكون مكذِّبهم مكذِّبًا بصدق، وقد يكونون مخطئين، فيكون مصدِّقهم مصدِّقًا بالباطل، والكذب.

وأمَّا إنكار الجزم بوقت الكسوف والتَّحدُّث بذلك، فهذا صنيع المشايخ مع من صدر منه ذلك، ينكرون عليه جزمه بذلك، وإفشاءه.

بل كان من المستفيض أنَّ رجلاً حاسبًا في بلد الدِّرعيَّة وقت أبناء الشَّيخ محمَّد - قدَّس الله رُوحَه وأرواحهم جميعًا - أظنُّه يقال له: ابن جاسر، كان ساكنًا في أعالي الدَّرعيَّة، فتوضَّأ في نخله، وركب حماره، ونزل إلى مسجد البجيريِّ أو غيره من المساجد الكبار في الدَّرعيَّة، وكان يخبر مَن لقيه في الطَّريق أنَّه إنَّما نزل إلى المسجد لكون الشَّمس


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (4485).