وقد تبيَّن لنا من
كلام هذين الإمامين الجليلين أنَّ من اتَّخذ هذه الأناشيد وسيلة من وسائل
التَّعبُّد والدَّعوة إلى الله وقال: إنَّه لا يمكنه جمع الشَّباب واستقطابهم
إلاَّ بهذه الأناشيد، فهو ضالٌّ مبتدع؛ كما ذكره الشَّيخ تقيُّ الدِّين في أمثاله
ممَّن زعم أنَّه يستجلب توبة العصاة بما يقيم لهم من السَّماع الَّذي هو النَّشيد،
وقد أنكر الشَّيخ فِعْلَهُ هذا، وعدَّه من البدع المنكرة؛ لأنَّ طريق الدَّعوة هو
ما شرعه الله ورسوله، لا ما نهى الله عنه ورسوله، والله ورسوله لم يشرعا الغناء
والأناشيد طريقًا للدَّعوة.
فالوَاجِبُ على مَن
يفعل ذلك أن يتوب إلى الله، ويرجع إلى الصَّواب والحقِّ؛ فإنَّ الرُّجوع للحقِّ
فضيلة، ولا يغترُّ بمَن يفعل ذلك؛ فإنَّهم إمَّا جهَّال، أو أصحاب أهداف مغرضة،
وشعارات مضلَّلة.
7- وقولكم يا شيخ
أحمد: «إنَّ تَسْمِيَةَ الأناشيد بالإسلاميَّة لا تَعْنِي الابتداع
والمشروعيَّة؛ لا غَضَاضَةَ في إطلاقها على المباح؛ لأنَّ المباح من الشَّرع...».
نقول: أولاً: لا نسلِّم أنَّ
أناشيدكم من المباح.
وثانيًا: هذا فيه إجمال
وخلط؛ لأنَّه إذا كان القَصْدُ اتِّخَاذَ الأناشيد أسلوبًا من أساليب الدَّعوة
وتتويب العصاة، فهذا بدعة وضلال، كما بيَّنَه شيخ الإسلام فيما نقلنا عنه، وحينئذٍ
لا يجوز أن يقال عن هذه الأناشيد: إنَّها أناشيد إسلاميَّة، بل يقال: أناشيد
بدعيَّة.
وإن كان القَصْدُ
مِنَ اتِّخاذ الأناشيد التَّرويحَ عن النُّفوس، فهذا إنَّما يُباح منه ما وافق
المرخَّص فيه الغناء، كما سبق، وحينئذٍ لا يسمَّى إسلاميًّا أيضًا؛ لأنَّ المباح
لا يقال له: إسلاميٌّ، وإنَّما يقال: مباح