4- قول
فضيلتكم: «إنَّك لم تقف على ما يدلُّ على منع سماع الأصوات الفاتنة من
المِرْدَانِ ونحوهم» أقول لفضيلتكم: نحن وجدنا هذا في كتاب الله عز وجل في قوله
تعالى: ﴿فَلَا
تَخۡضَعۡنَ بِٱلۡقَوۡلِ فَيَطۡمَعَ ٱلَّذِي فِي قَلۡبِهِۦ مَرَضٞ وَقُلۡنَ قَوۡلٗا مَّعۡرُوفٗا﴾ [الأحزاب: 32].
قال ابن كثير رحمه
الله في «تفسيره» (5/ 415- طبعة دار الأندلس» ما نَصُّهُ: «قال السُّدِّيُّ
وَغَيْرُهُ: يعني بذلك ترقيق الكلام إذا خاطَبْن الرِّجال...»، إلى أن قال: «ومعنى
هذا أنَّها تخاطب الأجانب بكلام ليس فيه ترخيم...». انتهى.
فدلَّ هذا على أنَّ
الصَّوتَ قد يكون فيه فِتْنَةٌ أشدُّ من فتنة النَّظر، إذا كان من امرأة، ومثل ذلك
صوت الشَّابِّ الأمرد.
قال الشَّاعر:
يَا قَوْمِ أُذُنِي
لِبَعْضِ الحَيِّ عاشِقَةٌ *** والأُذُنُ تَعْشَقُ قَبْلَ الْعَيْنِ أَحْيَانَا
وقال العلاَّمة ابن
القيِّم في «إغاثة اللَّهفان» (1/ 248): «وأمَّا سماعه «يعني: الغناء» من المرأة
الأجنبيَّة، أو الأمرد، فمن أعظم المحرَّمات، وأشدِّها فسادًا للدِّين...». انتهى.
فهذا ابن القيِّم يعدُّ صوت الأمرد مثل صوت المرأة في الفتنة به.
5- قول فضيلتكم:
«إنَّ القَاعِدَةَ الأصوليَّة أنَّ الأَصْلَ في الأشياء الإِبَاحَةُ حتَّى يدلَّ
الدَّليل على التَّحريم»، وتريدون بهذا القول أنَّ الأَصْلَ في الغناء الإبَاحَةُ،
إلاَّ ما حرَّمه الدَّليل.
ونقول لفضيلتكم:
أولاً: هذه القاعدة مختَلف
فيها؛ فهناك مَن يرى العكس، وهو أنَّ الأَصْلَ في الأشياء التَّحْرِيمُ، إلاَّ ما
دلَّ الدَّليل على إباحته؛ فهي ليست قاعدة مسلَّمة.