×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الأول

ثانيًا: وعلى القول بأنَّ الأَصْلَ في الأشياء الإباحَةُ؛ فالغناء دلَّ الدَّليل على تحريمه؛ فالأصل فيه التَّحريم، إلاَّ ما دلَّ الدَّليل على إباحته منه.

والدَّليل على أنَّ الأصل في الغناء التَّحريم قوله تعالى: ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشۡتَرِي لَهۡوَ ٱلۡحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ بِغَيۡرِ عِلۡمٖ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًاۚ أُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٞ مُّهِينٞ [لقمان: 6].

ولهوُ الحديث المذكور في الآية هو الغناء بجميع أنواعه؛ فَيَحْرُمُ كلُّه، إلاَّ ما دلَّ الدَّليل على إباحته منه؛ قال العلاَّمة ابن القيِّم رحمه الله في «إغاثة اللَّهفان» (1/ 257): «قال الواحديُّ وغيره: المراد بـ ﴿لَهۡوَ ٱلۡحَدِيثِ: الغناء. قاله ابن عبَّاس، وقاله ابن مسعود...»، إلى أن قال: «أكثر ما جاء في التَّفسير أنَّ ﴿لَهۡوَ ٱلۡحَدِيثِ الغناء. قاله ابن عبَّاس، وقاله ابن مسعود..»، إلى أن قال: «وقد جاء في تفسير لهو الحديث بالغناء مرفوعًا إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ».

وذكر الأحاديث الواردة في ذلك ثمَّ قال: «إذا عُرِف هذا، فأهل الغناء ومستمعوه لهم نصيبٌ من هذا الذَّمِّ، بحسب اشتغالهم بالغناء عن القرآن، وإن لم ينالوا جميعه...» انتهى.

وإذا كان الأَصْلُ في الغناء التَّحريمَ، فإنَّه لا يحلُّ منه إلاَّ ما دلَّ الدَّليل على جوازه؛ من حداء الإبل، والارتجاز عند مزاولة العمل المتعب، وما شابه ذلك ممَّا وردت به الأدلَّة الصَّحيحة؛ فيُقْتَصَر فيه على ما ورد قدرًا وكيفيَّة، كما مرَّ بيانه؛ لأنَّ الرُّخْصَةَ تقتصر على ما رُخِّص فيه، ولا يسمَّى ما رُخِّص به نشيدًا إسلاميًّا، وإنَّما يسمَّى نشيدًا عربيًّا، ولا يُنْشر في المدارس والبيوت ويباع في محلاَّت التَّسجيل؛ لأنَّ هذا تجاوزٌ للرُّخصة.


الشرح