أو لا؟ وفي المسألة ثلاثة أقوال، أصحُّها أنَّ
الأَمْرَ بالشَّيء يستلزم النَّهي عن ضِدِّه؛ لأنَّ ما لا يتمُّ الواجب إلاَّ به،
فهو واجب؛ لأنَّ المَأْمُورَ به لا يمكن وجوده مع التَّلبُّس بضدِّه؛ لاستحالة
اجتماع الضِّدَّين.
ب- وأمَّا قوله: «إنَّ الأمر إذا
اقترن بعلَّة معقولة المعنى... إلخ». فالجواب عنه أن نقول:
أولاً: لا نسلِّم أنَّ
الأمر بالإحفاء، والإعفاء المقصود منه مخالفة المجوس فقط، بل المقصود مخالفة
المجوس، وكون ذلك من خصال الفطرة الَّتي فَطَرَ الله عليها رسوله، وسائر الأنبياء؛
ففي «صحيح مسلم» عن عائشة: «عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ،
وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ...» ([1]) الحديث.
قال النَّوويُّ في «شرح
صحيح مسلم» (1/ 147- 148): «وأمَّا الفطرة، فقد اختُلِف في المراد بها هنا، فقال
أبو سليمان الخطَّابيُّ: ذهب أكثر العلماء إلى أنَّها السُّنَّةُ، وكذلك ذَكَرَهُ
جَمَاعَةٌ غير الخطَّابيِّ؛ قالوا: ومعناه أنَّها من سُنَنِ الأنبياء صلوات الله
وسلامه عليهم، وقيل: هي من الدِّين». ا هـ.
ثانيًا: لو سَلَّمْنَا
جدلاً أنَّ المقصود من الأمر بها مخالفة المجوس فقط، فهذا المَقْصِدُ باقٍ، لم
يَنْفَكَّ عن الأمر؛ لأنَّ مُخَالَفَةَ المجوس مطلوبة دائمًا، فيلزمه وجوب إعفاء
اللِّحى، وإحفاء الشَّوارب. وهذا هو المطلوب.
ج- قوله: «والأمر بالإحفاء والإعفاء المقصود منه مخالفة المجوس، كما قال ابن حجر في «فتح الباري» نقول: عبارة ابن حجر
([1])أخرجه: مسلم رقم (261).