×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الأول

 وهو جواب فيه نظر، وخاصٌّ في هذه المسألة؛ لتعارض الأدلَّة فيها، وليس هذا ممَّا نحن فيه.

5- ثمَّ إنَّ الكَاتِبَ جَعَلَ مدلول حديث: «أَعْفُوا اللِّحَى، وَخَالِفُوا المَجُوسَ» ([1]) مثل مدلول حديث: «صَلُّوا بِالنِّعَالِ، وَخَالِفُوا اليَهُودَ» ([2])؛ لأنَّ الحديثين متماثلان في الصِّحَّة والورود والتَّعليل، وحديث الصَّلاة بالنِّعال لم يفهم أحدٌ منه الوجوب، وحديث: «أَعْفُوا اللِّحَى» مثله، وأيضًا حديث: «إِنَّ اليَهُودَ، وَالنَّصَارَى لاَ يَصْبُغُونَ، فَخَالِفُوهُمْ» ([3]) قد فَهِمَ منه الصَّحابة النَّدْبَ.

ومقصود الكاتب من هذا كلِّه أن يحمل مدلول حديث: «أَعْفُوا اللِّحَى» على النَّدْبِ كهذين الحديثين.

وَنُجِيبُ عن ذلك بِجَوَابَيْنِ:

الأول: أنَّا قد بيَّنَّا أنَّ المقصودَ بالإعفاء كَوْنُهُ من خِصَالِ الفطرة، ومُخَالَفَةِ الكفَّار.

والجواب الثَّاني: أن نقول: حديث الأمر بإعفاء اللِّحى لم يصرفه صارف عن الوجوب إلى النَّدْبِ؛ بخلاف الحديثين المذكورين معه.

وإليك ما قال الشَّوكانيُّ في «نيل الأوطار» (2/ 135) على حديث الصَّلاة بالنِّعال بعد أن ذكر الأحاديث الَّتي بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ شُبَهُ تعارض؛ قال: «ويُجْمَعُ بين أحاديث الباب بجعل حديث أبي هريرة وما بعده صارفًا للأوامر المذكورة المعلَّلة بالمخالفة لأهل الكتاب من الوجوب


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (260).

([2])أخرجه: أبو داود رقم (652)، والطبراني في الكبير (7164).

([3])أخرجه: البخاري رقم (3462)، ومسلم رقم (2103).