ينزَّه عنه الصَّحابة -رضي الله عنهم وأرضاهم -
وهو تشكيكٌ، وليس احتمالاً؛ فلا يسقط به الاستدلال.
6- ثمَّ قال الكاتب:
«وإذا ذُكِرت أفعال متعدِّدة، وأُعْطِيَت حُكْمًا واحدًا، سَرَى هذا الحكم على
جميعها، وفي الحديث الصَّحيح الَّذي رواه مسلم: «عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ:
قَصُّ الشَّارِبِ، وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ، وَاسْتِنْشَاقُ الْمَاءِ، وَقَصُّ
الأَْظْفَارِ...» ([1]). إلى آخر الحديث.
وقال ابن دقيق العيد
في «العدَّة شرح العمدة» (1/ 357): الفطرة لفظ واحد استُعملت في الكلِّ؛ فلو أفادت
مرَّة الوجوب ومرَّة النَّدب، لاستعمل اللَّفظ الواحد في مَعْنَيَيْنِ.
وقال محشِّيه الأمير
الصَّنعانيُّ (1/ 353): وكلُّها سواء في الحُكْمِ، والقول بأنَّ بعضها غير واجب
تحكُّم». يريد الكاتب من هذا أنَّ إعفاء اللِّحية ليس بواجب.
والجواب عن ذلك من
وجوه:
الأوَّل: أنَّه لم يذكر كلام
ابن دقيق العيد بلفظه، وإنَّما نقله بمعناه بعبارة من عنده، وهذا فيه خيانة في
النَّقل، وغلط في اسم الشَّرح، فسمَّاه باسم الحاشية، واسم الشَّرح «إحكام الأحكام».
وأمَّا كلام الأمير الصَّنعانيِّ صاحب الحاشية، فقد تصرَّف فيه، وَزَادَ، وَنَقَصَ، والوَاقِعُ أَنَّ الصَّنْعَانِيَّ يتكلَّم في تقدير أحد أدلَّة القائلين بأنَّ الختان سُنَّةٌ، وهذا نَصُّ كلامه؛ قال: « والثَّاني: أنَّ قرائنه الَّتي ضُمَّ إليها وشاركته في الحكم غير واجبة، فيكون غير واجب،
([1])أخرجه: مسلم رقم (261).