وإلاَّ لكان الحكم بأنَّ بعضها واجب وبعضها غير
واجب تحكُّمًا، وهذا ينهض على مَن يقول: إنَّها غير واجبة». ا هـ.
فقارن أيُّها القارئ
بين عبارة الصَّنعانيِّ والعبارة الَّتي ذكرها الكاتب وَنَسَبَهَا للصَّنعانيِّ
لِتَرَى:
أوَّلاً: أنَّ الكاتب جعل
هذا رأيًّا للصَّنْعَانِيِّ، وهو رأي لغيره حكاه عنه.
وثانيًا: أنَّ الكاتب زاد
لفظة: «وكلُّها سواء في الحكم» من عنده، وأضافها للصَّنعانيِّ!
وثالثًا: أنَّ الكاتب بَتَرَ
آخر العبارة، وهو: يقول الصَّنعانيُّ: «وهذا ينهض على مَن يقول: إنَّها غير واجبة»؛
يعني: قرائن الختان؛ لأنَّه لا يناسبه. وليس هذا لائقًا بأهل العلم والأمانة.
الوجه الثَّاني: أن نقول: إنَّ
الأشياء المذكورة مع إعفاء اللِّحية في الحديث لم يُتَّفق على أنَّها سُنَنٌ؛ ففي
بعضها خِلافٌ قَوِيٌّ؛ كالمضمضة والختان والاستنشاق.
قال النَّوويُّ في «شرح
صحيح مسلم» (3/ 148): «ولا يَمْتَنِعُ قرن الواجب بغيره؛ كما قال الله تعالى: ﴿كُلُواْ مِن ثَمَرِهِۦٓ
إِذَآ أَثۡمَرَ وَءَاتُواْ حَقَّهُۥ يَوۡمَ حَصَادِهِۦۖ وَلَا تُسۡرِفُوٓاْۚ﴾ [الأنعام: 141]،
والإيتاء واجب، والأكل ليس بواجب.
الوجه الثَّالث: أنَّ وجوب إعفاء
اللِّحية مستفاد من غير هذا الحديث؛ من أحاديث الأمر بالإِعفاء، وما بمعناه.
قال الشَّوكانيُّ في
«نيل الأوطار» (1/ 131): «قد حصل من مجموع الأحاديث خمس روايات: أعفوا، وأوفوا،
وأرخوا، وأرجوا، ووفِّروا؛ ومعناها كلِّها تَرْكُهَا على حالها».