فقد ذكر الحافظُ
ابْنُ حجر في كتاب «بلوغ المرام» وهو أقرب مرجع ثلاثة أحاديث في السُّنن
والصِّحاح.
وقول الدُّكتور
الدَّواليبيِّ: «إنَّ حديث: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» ليس نصًّا في
ردَّة المسلم، وإنَّما هو عامٌّ في كلِّ رجل بَدَّلَ دِينَهُ؛ كما لو بدَّل
يهوديٌّ دِينَهُ إلى النَّصْرَانِيَّةِ».
نَقُولُ: كَوْنُهُ عَامًّا
لا يَمْنَعُ الاستدلال به على قَتْلِ المرتدِّ المسلم؛ لأنَّ عُمُومَ النَّصِّ
حجَّة مُسَلَّمة، إذا لم يَأْتِ ما يخصِّصها، وغالب الأدلَّة من الكتاب والسُّنَّة
كذلك.
وما زعمه الدُّكتور
الدَّواليبيُّ أنَّ قَتْلَ المرتدِّ لا يتناسب مع ما أَعْلَنَهُ القرآن الكريم من
القول المُحْكَمِ: ﴿لَآ
إِكۡرَاهَ فِي ٱلدِّينِۖ﴾ [البقرة: 256].
زَعْمٌ في غَيْرِ
مَحَلِّهِ؛ فليس المُرَادُ من قَتْلِ المرتدِّ إِكْرَاهَهُ على الدِّين، وإنَّما
المراد رَدُّ عُدْوَانِهِ على الدِّين؛ بدخوله فيه مختارًا، ثمَّ رَفْضِهِ إيَّاه؛
فَقَتْلُهُ من باب حماية العقيدة مِنَ العَبَثِ، وَحِمَايَةِ العقيدة هو أوَّل الضَّروريَّات
الخمس الَّتي تجب حمايتها، وفي قَتْلِهِ أيضًا رَدْعٌ لِغَيْرِهِ أَنْ يَفْعَلَ
مِثْلَ فِعْلِهِ؛ كما قال بَعْضُ اليهود: ﴿ءَامِنُواْ بِٱلَّذِيٓ أُنزِلَ عَلَى ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَجۡهَ
ٱلنَّهَارِ وَٱكۡفُرُوٓاْ ءَاخِرَهُۥ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ﴾ [آل عمران: 72].
ثالثًا: وما نسبه الدُّكتور إلى الشَّيخ ابن تيميَّة أنَّه حَمَلَ حَدِيثَ: «لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلاَّ بِإِحْدَى ثَلاَثٍ» ([1])، وذكر في الثَّالثة أنَّه هو التَّارك لِدِينِهِ، المفارقُ للجَمَاعَةِ، وأنَّ الشَّيْخَ حَمَلَ ذَلِكَ أنَّ المراد به المُحَاربُ، نقول: ما نَسَبَهُ إلى الشَّيخ لم نَجِدْهُ في كتبه الَّتي بين أَيْدِينَا، فإن كان الدُّكتورُ وَجَدَهُ في كِتَابٍ له لَمْ نطَّلِعْ عليه، فهو لا يَقْتَضِي أنَّ
([1])أخرجه: البخاري رقم (6878)، ومسلم رقم (1676).