ومن خلال ما سبق من
النُّقولات في تفسير المرض الَّذي يمنع الإجزاء في الأضحية والهدي يتبيَّن:
1- أنَّ الأكثر على
أنَّه المرض الَّذي يؤثِّر في اللَّحم؛ فعليه: إذا ذبحها، فَوَجَدَ فيها عيبًا
يؤثِّر في اللَّحم بحيث يجب إتلافه حذرًا من ضَرَرِهِ ولا يمكن اكتشافه إلاَّ بعد
الذَّبح؛ فهذه الذبيحة لا تجزئ؛ لفقدان شرط سلامة اللَّحم، فإذا كان لَحْمُهَا
فاسدًا بِسَبَبِ المرض، لم تجزئ؛ لعدم نفعها.
2- وأمَّا على رأي
مَنْ فسَّر المرض بأنَّه المرض الظَّاهر الَّذي يمنع الحيوان من أن يتصرَّف تصرُّف
السَّليم، كما قاله صاحب «الشَّرح الكبير» المالكيُّ، أو يمنعها من أكل العَلَف،
كما قاله شارح «المشكاة»، فعلى هذين القولين إذا كان المَرَضُ خفيًّا لا يعلم
إلاَّ بعد الذَّبح، فإنَّه لا يمنع الإجزاء، خُصُوصًا وأنَّ صاحبه قد اجتهد وأدَّى
العبادة حسب ما يستطيع، ولهذا نظائر؛ كمن اجتهد في تحرِّي القِبْلَةِ، وصلَّى،
ثمَّ تبيَّن له الخطأ... وغير ذلك من المسائل.
وقد وَجَدْتُ كلامًا
حَوْلَ هذا الموضوع لأبي محمَّد ابن حزم رحمه الله أَحْبَبْتُ أن أَنْقُلَهُ
بِكَامِلِهِ. قال رحمه الله في «المحلَّى» (8/ 61- 62): «مسألة: من وجد في الأضحية
عيبًا بعد أن ضحَّى بها، ولم يكن اشترط السَّلامة؛ فله الرُّجوع بما بَيْنَ قيمتها
حيَّة صحيحة، وبين قيمتها معيبة؛ وذلك لأنَّه كان له الرَّدُّ، أو الإمساك، فلمَّا
بطل الرَّدُّ بخروجها بالتَّضحية إلى الله تعالى، لم يَجُزْ للبائع أكل مال أخيه
بالخديعة والباطل، فَعَلَيْهِ ردُّ ما استزاد على حقِّها الَّذي يساويه؛ لأنَّه
أَخَذَهُ بغير حقٍّ؛ إلاَّ أَنْ يُحِلَّ له ذلك المبتاع، فله ذلك؛ لأنَّه حقُّه
تَرَكَهُ لله تعالى،