×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الأول

وهذا مُتَقَصًّى في كتاب البيوع إن شاء الله تعالى. قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَأۡكُلُوٓاْ أَمۡوَٰلَكُم بَيۡنَكُم بِٱلۡبَٰطِلِ [البقرة: 188]، وقال تعالى: ﴿يُخَٰدِعُونَ ٱللَّهَ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَمَا يَخۡدَعُونَ إِلَّآ أَنفُسَهُمۡ وَمَا يَشۡعُرُونَ [البقرة: 9] ؛ فالخديعة أكل المال بالباطل».

ثمَّ قال: «مسألة: فإن كان اشترط السَّلامة، فهي مَيْتَةٌ، وَيَضْمَنُ مثلَها للبائع، ويستردُّ الثَّمَن، ولا تُؤْكَلُ؛ لأنَّ السَّليمة - بيقين لا شَكَّ فيه - هي غير المَعِيبَةِ؛ فَمَنِ اشترى سَالِمَةً، وأُعْطِيَ مَعِيبَةً، فإنَّما أُعْطَي غير ما اشترى، وإذا أُعْطِيَ غير ما اشترى، فقد أخذ ما ليس له، ومن أخذ ما ليس له، فهو حَرَامٌ عَلَيْهِ؛ قال تعالى: ﴿لَا تَأۡكُلُوٓاْ أَمۡوَٰلَكُم بَيۡنَكُم بِٱلۡبَٰطِلِ إِلَّآ أَن تَكُونَ تِجَٰرَةً عَن تَرَاضٖ مِّنكُمۡۚ [النساء: 29]، والتَّراضي لا يكون إلاَّ بالمَعْرُوفِ بِقَدْرِ ما يتراضيان به؛ لا بالجَهْلِ به.

فَمَنْ لم يَعْرِفِ العَيْبَ، فَلَمْ يَرْضَ به - والرِّضا لا يكون إلاَّ في عقد الصفقة، لا بَعْدَهُ - ومَنْ ذَبَحَ مَالَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِ مالكه، فقد تعدَّى، والتَّعدِّي معصية لله، وظلم، وقد أمر الله تعالى بالذَّكاة؛ فهي طاعة له تعالى، ولا شكَّ في أنَّ طَاعَةَ الله تعالى غَيْرُ مَعْصِيَتِهِ.

فالذَّبحُ الَّذي هو طَاعَةٌ وذَكَاةٌ غَيْرُ الذَّبح الَّذي هو معصية وعدوان؛ لا يَحِلُّ أَكْلُ شَيْءٍ من الحيوان إلاَّ بالذَّكاة الَّتي أَمَرَ اللهُ تَعَالَى بها؛ لا ممَّا نَهَى عَنْهُ من العُدْوَانِ؛ فَلَيْسَتْ ذَكِيَّةً، فهي مَيْتَةٌ، وَمَن تعدَّى بإتلاف مال أخيه، فهو ضامن، والصِّفَةُ فاسدة؛ فالثَّمَنُ مَرْدُودٌ». انتهى المقصود.

وحاصله: أنَّ العَيْبَ الخفيَّ الَّذي لا يظهر إلاَّ بعد الذَّبح لا يمنع الإجزاء، إذا كان الذَّابحُ لم يشترط السَّلامة؛ لأنَّها مِلْكُهُ، وإذا اشترط السَّلامة، لم تُجْزِ؛ لأنَّها ليست ملكًا له، والله أعلم.


الشرح