فإنه لما أُنزل
عليه: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡمُدَّثِّرُ ١ قُمۡ فَأَنذِرۡ ٢ وَرَبَّكَ
فَكَبِّرۡ ٣ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرۡ﴾ [المدثر: 1- 4]، شمر صلى الله عليه وسلم
عن ساق الدعوة، وقام أتم قيام، ودعا إلى الله ليلاً ونهارًا، سرًا وجهارًا.
ولما نزل عليه قوله:
﴿فَٱصۡدَعۡ بِمَا تُؤۡمَرُ﴾ [الحجر: 94]،
صدع بأمر الله لا تأخذه فيه لؤمة لائم، فدعا إلى الله الكبير والصغير، والحر
والعبد، والذكر والأنثى، والجن والإنس.
*****
الرسول في المقدمة
صلى الله عليه وسلم، وحتى في المعركة كان أقرب المسلمين إلى العدو هو الرسول صلى
الله عليه وسلم، وكانوا يتقون به من الكفار، من السلاح، من الرمي؛ فهو أقربهم صلى
الله عليه وسلم، يقودهم صلى الله عليه وسلم.
كما يقول الشيخ:
الرسول صلى الله عليه وسلم نبئ بـ ﴿ٱقۡرَأۡ﴾ [العلق: 1]، وأرسل بالمدثر: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡمُدَّثِّرُ ١ قُمۡ فَأَنذِرۡ﴾ [المدثر: 1- 2]، هذا إرسال، أما في الأول، قال: ﴿ٱقۡرَأۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ
ٱلَّذِي خَلَقَ﴾ [العلق: 1]، هذا نبوة.
جهر بالدعوة، كانت
في الأول الدعوة سرية في بيت الأرقم بن أبي الأرقم، ثم لما نزل قوله تعالى: ﴿فَٱصۡدَعۡ بِمَا تُؤۡمَرُ﴾ [الحجر: 94]، خرج
صلى الله عليه وسلم وجهر بالدعوة، وصعد على الصفا، ونادى ([1])، وتعرض لما تعرض
له، فصبر صلى الله عليه وسلم.
لم يترك أحدًا صلى الله عليه وسلم في الدعوة، دعا إلى الله؛ لأن الله أرسله للعالم العرب والعجم، ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا كَآفَّةٗ لِّلنَّاسِ بَشِيرٗا وَنَذِيرٗا﴾ [سبأ: 28].
([1]) أخرجه: البخاري رقم (4770)، ومسلم رقم (208).