*****
هذه جملة من أحكام
الجهاد في سبيل الله عز وجل.
قوله: «في الأمان»؛
الأمان: هو إعطاء الأمان للكافر؛ ليدخل بلاد المسلمين لأمر مباح: إما أنه مندوب من
الكفار إلى ولي أمر المسلمين، وإما أنه جاء لعمل يؤديه، لا يقوم به غيره، فيؤمن،
وإما أن يكون طلب الأمان؛ من أجل أن يسمع القرآن، ويعرف الإسلام، لعله يسلم.
قال تعالى: ﴿وَإِنۡ أَحَدٞ مِّنَ
ٱلۡمُشۡرِكِينَ ٱسۡتَجَارَكَ فَأَجِرۡهُ حَتَّىٰ يَسۡمَعَ كَلَٰمَ ٱللَّهِ ثُمَّ
أَبۡلِغۡهُ مَأۡمَنَهُۥۚ﴾ [التوبة: 6]؛ أي: حتى يرجع إلى أهله، فيحافظ عليه، ولا
يعتدى عليه، ولا يؤذى حتى يرجع إلى بلده.
فلولي الأمر أن يعقد
الأمان مع بعض الكفار؛ من أجل مصلحة المسلمين، أو لمصلحة الكافر؛ ليسمع القرآن،
ويعرف الإسلام من بلده، أو حتى من أفراد المسلمين، إذا أعطى الأمان لأحد من
الكفار، فإن المسلمين يحترمون ذلك؛ لأن المسلمين «يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ،
وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ»؛ كما يأتي.
ولما كانت غزوة الفتح أمنت أم هانئ رضي الله عنها رجلاً من الكفار، طلب منها الأمان، فأمنته، فأراد أخوها علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن يقتله، فرفعت أمره إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ» ([1])، فمنع صلى الله عليه وسلم من قتله؛ وفاءً بذمة المسلمة، حتى ولو كانت امرأة، فالمسلم إذا أمن أحدًا من الكفار، وليس منه مضرة على
الصفحة 1 / 613