فصل في الهجرة إلى الحبشة
وانحاز المسلمون
إلى النجاشي آمنين، فبعثت قُريش في أثرهم عبد الله بن أبي ربيع وعمرو بن العاص
بهدايا إلى النجاشي ليردهم عليهم.
وتشفعوا إليه
بعظماء جنده فأبي ذلك، فوشوا إليه: أنهم يقولون في عيسى قولاً عظيمًا،
*****
النجاشي أمنهم، مع
أنه نصراني، ولكنه لا يظلم أحد عنده، حتى إن قريشًا أرسلت إليه وفدًا من رجلين،
هما: عبد الله بن أبي ربيعة، وعمرو بن العاص - وأنتم تعرفون عمرو بن العاص رضي
الله عنه في دهائه وحنكته-؛ يريدون أن يؤثروا على النجاشي، وقد كان عمرو رضي الله
عنه على الشرك يوم ذاك، وقد أرسلت قريش معه هدايا للنجاشي، ليردهم عليهم، فلما
عرضوا عليه، أبى أن يردهم أشد الإباء، أبى كذلك أن يقبل الهدايا، فرجعوا مفلسين.
وهذا صار من مصلحة
المسلمين، هم قالوا: إن المسلمين يسبون نبيكم. فهذا صار من مصلحة المسلمين؛ لأن
النجاشي رجل عاقل، ولا تروج عليه مثل هذه الأقوال، فطلب من المسلمين أن يسمعوه
القرآن في شأن عيسى عليه السلام، يقولون: إنهم يسبون عيسى. من أجل أن يغيروهم،
فطلب أن يقرؤوا من القرآن النازل في حق عيسى، فلما سمعه، أخذ النجاشي تبنة من
الأرض، وقال: هو الحق، وما زاد على الحق وزن هذه.
الصفحة 1 / 613