فصل في سيرته صلى الله عليه وسلم مع أوليائه
وأما سيرته صلى
الله عليه وسلم مع أوليائه، فأمر أن يصبر نفسه مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي
يريدون وجهه،
*****
انتهى المؤلف رحمه
الله من بيان سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم مع الكفار وأصنافهم، والآن يتناول
سيرته مع المؤمنين.
قال تعالى: ﴿وَٱصۡبِرۡ نَفۡسَكَ مَعَ
ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ رَبَّهُم بِٱلۡغَدَوٰةِ وَٱلۡعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجۡهَهُۥۖ
وَلَا تَعۡدُ عَيۡنَاكَ عَنۡهُمۡ تُرِيدُ زِينَةَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ وَلَا
تُطِعۡ مَنۡ أَغۡفَلۡنَا قَلۡبَهُۥ عَن ذِكۡرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ وَكَانَ
أَمۡرُهُۥ فُرُطٗا﴾ [الكهف: 28].
فقوله: ﴿وَٱصۡبِرۡ نَفۡسَكَ﴾؛ أي: احبسها، الصبر
معناه: الحبس.
وذلك في مكة، لما
كان بلال رضي الله عنه وسلمان الفارسي وصهيب الرومي يجتمعون إلى الرسول صلى الله
عليه وسلم، ويحضرون مجلسه؛ يتعلمون منه، دعا المشركين إلى الله، فقالوا: لا يمكن
أن نجلس معك حتى تطرد هؤلاء العبيد؛ نحن لا نجالس هؤلاء.
النبي صلى الله عليه وسلم من حرصه على هدايتهم أراد أن يجعل للمستضعفين وقتًا آخر؛ ويتفرغ لهؤلاء المشركين؛ من أجل أن يتصدى لهم لدعوتهم إلى الله، فالله عز وجل عاتبه: ﴿وَٱصۡبِرۡ نَفۡسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ رَبَّهُم بِٱلۡغَدَوٰةِ وَٱلۡعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجۡهَهُۥۖ وَلَا تَعۡدُ عَيۡنَاكَ عَنۡهُمۡ تُرِيدُ زِينَةَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ وَلَا تُطِعۡ مَنۡ أَغۡفَلۡنَا قَلۡبَهُۥ عَن ذِكۡرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ وَكَانَ أَمۡرُهُۥ فُرُطٗا ٢٨ وَقُلِ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكُمۡۖ فَمَن شَآءَ فَلۡيُؤۡمِن وَمَن شَآءَ فَلۡيَكۡفُرۡۚ إِنَّآ أَعۡتَدۡنَا لِلظَّٰلِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمۡ سُرَادِقُهَاۚ وَإِن
الصفحة 1 / 613