بِحَبلِ اللهِ؛
لأنَّهُ يَقِي مِنَ الافتراقِ والاختلافِ، فَلا يحصُلُ الاختلافُ والافتراقُ
إِلاَّ بسببِ عدَمِ التَّمسُّكِ بكتابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِه صلى الله عليه
وسلم ؛ كافتراقِ أهْلِ الكتابِ، مَع أنَّ اللهَ أنزلَ عليهم التَّوراةَ والإنجيلَ،
ولكن لمَّا لم يعتَصِمُوا بحَبلِ اللهِ تفرَّقُوا واختَلَفُوا؛ ولهذا قال: ﴿وَلَا
تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخۡتَلَفُواْ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُۚ
وَأُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٞ﴾ [آل عمران: 105]، هذه
طريقةُ أهلِ الكتابِ أنَّهُم ترَكُوا كتابَ ربَّهِم؛ فتفَرَّقُوا.
وهذه نتيجةٌ
حتمِيَّةٌ لكُلِّ مَن لا يأخُذُ دِينَهُ وعقيدَتَهُ مِن كتابِ اللهِ وسُنَّةِ
رَسُولِه صلى الله عليه وسلم، فإنَّ النَّتِيجةَ؛ الاختلافُ والتفرُّقُ، قال الله
تعالى: ﴿وَإِنَّ
هَٰذِهِۦٓ أُمَّتُكُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَأَنَا۠ رَبُّكُمۡ فَٱتَّقُونِ ٥٢ فَتَقَطَّعُوٓاْ أَمۡرَهُم بَيۡنَهُمۡ زُبُرٗاۖ كُلُّ حِزۡبِۢ
بِمَا لَدَيۡهِمۡ فَرِحُونَ ٥٣ ﴾ [المؤمنون: 52، 53]،
كُلٌّ أحْدَثَ له مَذهبًا ومَنهجًا يُخالِفُ بهِ غيْرَهُ، فحصلَتْ فِتَنٌ عَظيمةٌ،
وشُرورٌ كَثيرةٌ لا عاصِمَ مِنها إلاَّ بالاعتصامِ بكتابِ الله وسُنَّةِ رسُولهِ
صلى الله عليه وسلم، ولا سِيَّما فِي الأصلِ والأساسِ، وهو العقيدةُ الَّتِي
يَجمعُ اللهُ بِها بينَ النّاسِ؛ كما قال تعالى: ﴿وَإِن
يُرِيدُوٓاْ أَن يَخۡدَعُوكَ فَإِنَّ حَسۡبَكَ ٱللَّهُۚ هُوَ ٱلَّذِيٓ أَيَّدَكَ
بِنَصۡرِهِۦ وَبِٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٦٢ وَأَلَّفَ بَيۡنَ
قُلُوبِهِمۡۚ لَوۡ أَنفَقۡتَ مَا فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا مَّآ أَلَّفۡتَ بَيۡنَ
قُلُوبِهِمۡ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ أَلَّفَ بَيۡنَهُمۡۚ إِنَّهُۥ عَزِيزٌ حَكِيمٞ ٦٣﴾ [الأنفال: 62، 63].
فَلا يُؤلِّفُ بينَ
القُلوبِ كَثْرَةُ العَطاءِ، ولا كَثْرَةُ الأموالِ، بلْ هذهِ تَزيدُ القُلوبَ
نُفرَةً وتباغُضًا، مَهما أنفقْتَ مِنَ الأموالِ فلَنْ تُؤلِّفَ بيْنَ القُلوبِ،
وإنَّما الَّذِي يُؤلِّفُ بينَ القلوبِ هو القرآنُ والسُّنَّةُ، وقدْ حذَّرنا
اللهُ سبحانه وتعالى مِمَّا وقعَتْ فيه الأُمَمُ السَّابِقَةُ مِن تَفرُّقِها بعدما
جاءَتها البَيِّناتُ، فقالَ تعالى: