مُقدِّمة الشَّارِح
الحمدُ للهِ رَبِّ
العالمين، وصلَّى اللهُ وسلَّمَ عَلَى نَبِيِّنا مُحمَّدٍ، وعَلَى آلِه وأصْحابِه
أجْمَعِينَ.
· أمَّا بَعدُ:
فَهذا شرحٌ
لِمَنظُومةِ أبي بكرِ بن أبي داودَ السِّجسْتانِيِّ رحمه الله تعالى وهيَ
تتضَمَّنُ عقيدَتَهُ وما كانَ عليهِ، وأنَّهُ مُتَّبِعٌ للسَّلَفِ فِي ذلك، وقد
كانَ المُسلمونَ فِي الصَّدْرِ الأوَّلِ - عصرِ الصَّحابةِ وَمَنْ بعدَهُم مِنَ
القُرونِ المُفَضَّلةِ - يَعتقدونَ ما جاءَ فِي القرآنِ وفِي السُّنَّةِ مِن غيرِ
تَردُّدٍ أوْ شَكٍّ؛ لأنَّهُم آمَنُوا باللهِ ورَسُولِه صلى الله عليه وسلم،
إيمانًا صادقًا قويًّا، فاعتقَدُوا ما جاءَ فِي كتابِ الله وَسُنَّةِ رسُولِه صلى
الله عليه وسلم آمَنُوا بِكُلِّ ما اشتملَ عليهِ القُرآنُ، واشتملَتْ عليهِ
السُّنَّةُ مِن جميعِ أُمورِ الدِّينِ، فإنَّهُم يُؤمِنونَ بها، ولا يَشُكُّونَ
فِي ذلكَ سواءً كان فِي العقائِدِ، أو العباداتِ أو المُعاملات، أو الآداب، أو
الأخلاق، أو فِي الأحكامِ الشَّرعيَّةِ كالحلالِ والحرامِ، ما كانوا يَتوَقَّفُونَ
فِي شيءٍ مِن ذلكَ؛ لأنَّ هذا مُقتَضى الإيمانِ، وَهم آمَنُوا حقًّا وصدقًا، فلا
يَتردَّدُونَ فيما ثبَتَ فِي كِتابِ اللهِ وسُنَّةِ رَسُولِه صلى الله عليه وسلم
فِي أيِّ موضوعٍ كانَ، ولا فِي أخبارهِ الماضِيَةِ والمُستقبلةِ، لا يَستثْنُونَ
شيئًا مِمَّا جاءَ فِي الكتابِ والسُّنَّةِ بل يُؤمنون به إيمانًا جازِمًا لا
يعتريهِ شَكٌّ؛ لأنَّ هذا هو مُقتضَى الإيمان.
ثُمَّ ظهرتِ الفِرَقُ الضَّالَّةُ فِي أواخِرِ عهدِ الصَّحابةِ؛ كَفِرْقَةِ الخوارجِ، وفِرْقَةِ الشِّيعةِ، وفِرْقَةِ المُرجِئَة، وفِرْقَةِ القَدرِيّة، ظهرتْ هذِه الفِرقُ، وكانَ أصْحابُها يَتكتَّمونَ فِي القُرونِ المُفضَّلةِ، ولا يُظهِرونَ هذه المُخالفاتِ،
الصفحة 1 / 193