×
شرح المَنظُومَةُ الحائِيَّة

[تَقدِيمُ قَولِ الله وقَولِ رَسُولِه صلى الله عليه وسلم

عَلَى كُلِّ قَولٍ]

وَدَعْ عَنْكَ آراءَ الرِّجالِ وَقَوْلَهُمْ

 

فَقَوْلُ رَسُولِ اللهِ أَزْكَى وَأَشْرَحُ

*****

 هَذِه مسألةٌ أُخرَى، وهي: أنَّه لا بُدَّ أن يكون هناك خِلافٌ بين العلماء فِي المَسائلِ، هَذَا يقول: هَذَا حلالٌ، وهذا يقول: هَذَا حرامٌ، وهَكَذا يَجرِي الخِلافُ بين العُلَماء فِي المَسائِل الاعتِقَادِيَّة، والمَسائِلِ العَملِيَّة، والمُعامَلاتِ، فالخِلافُ يقع بلا شكٍّ، وهَذِه طَبِيعَة البَشَر، ﴿وَلَوۡ شَآءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ ٱلنَّاسَ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخۡتَلِفِينَ ١١٨ إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمۡۗ وَتَمَّتۡ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمۡلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلۡجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجۡمَعِينَ ١١٩ [هود: 118، 119]، ولَكِنْ لا يجوز لنا أن نَأخُذ ما نُريد من الأقوالِ وما يُوافِق رَغْبَتَنا وشَهواتِنا، وإنَّما نأخُذ من الأقوال ما قام عَلَيهِ الدَّليلُ من كتابِ الله وسُنَّة رَسُوله صلى الله عليه وسلم، وهذا كما في قَولِه تَعالَى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا [النِّساء: 59]، ﴿فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ: إلى كِتابِ الله «القرآن»، ﴿ وَٱلرَّسُولَِ: ويَرجِع إِلَيه فِي حَياتِه ويُسأل، أما بعد مَوتِه فيُرجَع إلى سُنَّتِه، فكأنَّه موجود بوُجودِ سُنَّتِه.

ولِهَذا قال صلى الله عليه وسلم: «فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ» ([1]).


الشرح

([1])  أخرجه: أبوداود رقم (4607)، والترمذي رقم (2676)، وابن ماجه رقم (42)، وأحمد رقم (17144).