[خُروج المُوَحِّدين من النَّار]
وَقُلْ يُخْرِجُ اللهُ العَظِيمُ بِفَضْلِهِ |
|
مِنَ النَّارِ أَجْسَادًا مِنَ الفَحْمِ تُطْرَحُ |
*****
هَذِه مَسأَلة العُصاة من المُوَحِّدين الَّذين
عِندَهم كَبائِرُ ولَكِنَّها دون الشِّركِ، فهَؤُلاءِ يُعتَبَرون مُوَحِّدين،
ولكنَّ إِيمانَهُم وتَوحِيدَهم ناقِصٌ، فإِنَّهم لا يَخرُجون من الإِسلامِ،
خِلافًا للخَوارِج والمُعتِزَلة، فهم تحتَ المَشِيئة: إن شاء الله غفر لهم ولم
يُعَذِّبْهم، ودَخَلوا الجَنَّة من أوَّلِ وَهْلَة، وإن شاء الله عذَّبَهُم.
ولَكِنَّهم لا يُخَلَّدون فِي النَّار كما يُخَلَّد الكُفَّار والمُشرِكون،
وإنَّما يخرجون من النَّار بعد تَعذِيبِهم: إمَّا بشَفاعَة الشَّافِعين، وإمَّا
بفَضلِ الله عز وجل، وإمَّا بانتِهَاء عَذابِهم. فيَخرُجون من النَّار قطعًا.
فالنَّار يَدخُلُها
الكافِرُ والمُشرِكُ، وقد يَدخُلُها المُؤمِن المُوَحِّد بذُنوبِه، ولَكِنَّ
الكافِرَ والمُشرِك يُخَلَّدان فِي النَّار، وأمَّا المُوَحِّد والمُؤمِن فلا
يُخَلَّد فيها إذا دخلها. هَذِه عَقِيدة أَهلِ السُّنَّة والجَماعَة، خِلافًا
للخَوارِج والمُعتَزِلة.
الخَوارِج يقولون: مُرتَكِب
الكَبِيرَة كافِرٌ خارِجٌ من المِلَّة، وإذا مات ولم يَتُب فهو مُخَلَّد فِي
النَّار مثل الكفَّار.
والمُعتَزِلة
يَقُولون: يَخرُج من الإِيمان ولا يَدخُل فِي الكُفرِ، فهو في مَنزِلَة بين
المَنزِلَتَين، فإنْ مات ولم يَتُب فهو مُخَلَّد فِي النَّار.
وكِلاَ المَذهَبَيْن
باطِلٌ وضالٌّ ومُخالِفٌ للأدِلَّة، فإنَّ الله جل وعلا يقول: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ
لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ﴾ [النِّساء: 48]،
الصفحة 1 / 193