[التَّكفِير بالمَعصِيَة]
وَلاَ تُكَفِّرَنَّ أَهْلَ الصَّلاَةِ وَإِنْ |
|
فَكُلُّهُمْ يَعْصِي وَذُو العَرشِ يَصْفَحُ |
*****
هَذِه مَسألَة تَكفيرِ أَصحابِ الكبائِرِ التي
دون الشِّرك، وقد حَصَل فيها اختلافٌ طويلٌ ما بين الخَوارِج، والمُعتَزِلة، وما
بين المُرجِئَة، وما بين أهل السُّنَّة والجَماعَة.
فالخَوارِج
يُكَفِّرون بالكبائِرِ التي دون الشِّرك، ويُخَلِّدون أَصحابَها فِي النَّار،
ويَستَحِلُّون دِماءَهم وأَموالَهم عَلَى أنَّهم كُفَّار، ويَستَدِلُّون بالآياتِ
التي وَرَدت فِي الوَعيدِ عَلَى الذُّنوبِ والمَعاصِي، ويَحمِلونَها عَلَى كُفرِ
أَصحابِ تِلكَ المَعاصِي.
والمُعتَزِلة
يقولون: ليس بكافرٍ ولا مُؤمِن، بل هو فِي المَنزِلة بين المَنزِلَتَيْن.
والمُرجِئَة عَلَى
النَّقيض، فالكبائِرُ عِندَهم لا تضرُّ الإيمانَ ولا تُنقِصُه، فالعاصي صاحب الكبيرة
عِندَهم مُؤمِنٌ كامِلُ الإيمان، يقولون: لا يضرُّ مع الإيمانِ مَعصِيَة، كما لا
ينفع مع الكُفرِ طاعة!
هذا مذهب المُرجِئَة
عَلَى سبيل الاختصار؛ لأنَّهُم لا يُدخِلون الأَعمالَ فِي الإيمان، فمَن تَرَك
واجبًا، أو فعل محرَّمًا، أو ارتكب معصيةً كبيرةً أو صغيرةً دون الشِّرك، فهذا
كامِلُ الإيمان، ولا تُنقِصُه المَعاصِي، ولا تَزِيدُه الطَّاعاتُ عِندَهم؛ لأنَّ
الإِيمانَ عِندَهم فِي القلب، وهو شيء واحد، لا يزيد ولا ينقُص.
هَذَا مذهب المُرجِئَة - وهو عَلَى النِّقيضِ من مَذهَب الخَوارِج - فهم أَخَذوا بآياتِ الوعد والرَّجاءِ وتَرَكوا آياتِ الوَعيدِ.
الصفحة 1 / 193