أمَّا أهل السُّنَّة
والجماعة: فإنَّهُم عَلَى الحقِّ والاعتِدَال، لا يُكَفِّرون صاحِبَ الكَبِيرة، ولا
يقولون: أنَّه كاملٌ الإِيمان، بل يقولون: أنَّه مُؤمِن، ولكنَّه ناقِصُ الإيمان،
أو مُؤمِن فاسق، بكَبِيرَته، وهو تَحتَ المشيئة: إنْ شاء الله غفر له، وإن شاء
عذَّبه؛ كما قال تَعالَى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا
يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ﴾ [النِّساء: 48]،
وإن عُذِّب فإنَّه لا يُخَلَّد فِي النَّار - كما تَقُولُه الخَوارِج والمُعتَزِلة
- فجمع أهل السُّنَّة والجَماعَة بين آياتِ الوعد، وآياتِ الوَعيدِ، فلا يقولون -
كما تقوله المُرجِئَة: أنَّ المعاصي لا تضرُّ.
ولا يقولون: إنَّها
تكفِّر، كما يقولُه الخَوارِج.
وإنَّما يقولون: إنَّ المعاصِيَ
تضرُّ وتُنقِص الإِيمانَ، ولَكِنَّها لا تُخرِج صاحِبَها من الدِّين، فجمَعوا بين
النُّصوص.
هذا هو مذهب أهل
السُّنَّة والجَماعَة فِي مُرتَكِب الكَبِيرَة.
وهذا معنى قَولِ
النَّاظمِ رحمه الله تعالى: «ولا تُكَفِّرَنْ أهلَ الصَّلاةِ»: يعني: أهلَ
القِبلَةِ من المُؤمِنين والمُسلِمين.
قَولُه: «وإن
عَصَوا»: يعني: ما دامت مَعصِيَتُهم دُون الكُفرِ والشِّركِ.
قَولُه: «فكُلُّهم يَعصِي»: لا يَسلَمُ أحدٌ من المعاصي، قال: «كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ» ([1]).
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (2499)، وابن ماجه رقم (4251)، والدارمي رقم (2727).