×
شرح المَنظُومَةُ الحائِيَّة

[رُؤيةُ الله عز وجل ]

وَقُلْ يَتَجَلَّى اللهُ لِلْخَلْقِ جَهْرَةً

 

كَمَالُ الْبَدْرِ لاَ يَخْفَى وَرَبُّكَ أَوْضَحُ

*****

 لأنَّ اللهَ أعطاهُ صَوتًا حَسنًا، فكانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَستَمِعُ له ([1])، وأمَرَ عبدَ اللهِ بنَ مَسعودٍ رضي الله عنه أن يقرَأُ عليه وهو يَسمعُ، وقال: «إِنِّي أُحِبُّ أَن أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي» ([2])، فقرأَ عليهِ أوَّلَ سورةِ النِّساءِ، فهُو صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ الصَّوتَ الحَسنَ بالقرآنِ، والصَّوتُ الحَسنُ نِعمَةٌ منَ اللهِ عز وجل.

تمهيد:

هذهِ مَسأَلةُ رُؤيَةِ اللهِ جل وعلا، هلِ الخَلقُ يَروْنَ اللهَ أو لا يَرَوْنه؟

الجهميَّةُ والمُعتزِلَةُ كلُّهم يَنفُونَ الرُّؤيَةَ، ويقولونَ: إنَّ اللهَ لا يُرَى؛ لأنَّ الرُّؤيَةَ للأجسامِ، ويقولونَ: اللهُ غيرُ جِسْمٍ، فهوَ لا يُرَى! فيَنفُون الرُّؤيةَ بَتاتًا في الدُّنيا وفي الآخرةِ، نَسأَلُ اللهَ العافِيَةَ.

وهناكَ قومٌ يَقولونَ: إنَّ اللهَ يُرَى في الدُّنيا وفي الآخرَةِ. وهذا قَولُ بعضِ الصُّوفيَّةِ.

والقوْلُ الثَّالثُ -وهوَ القَولُ الحقُّ-: أنَّ اللهَ جل وعلا يُرَى في الآخرَةِ، يَرَاهُ أهْلُ الجنَّةِ، كما تَواترَتْ بذلكَ الأحاديثُ عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ([3])، وأمَّا في الدُّنيا فإنَّه لا يُرَى؛ لأنَّ النَّاسَ لا يُطيقونَ رُؤْيَتَه سُبحانه في


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (5048)، ومسلم رقم (793).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (4582) ومسلم رقم (800).

([3])  قال ابن أبي العز في ((شرح الطحاوية)) (ص 217)، ط. الرسالة: ((وقد روى أحاديث الرؤية نحو ثلاثين صحابيًا، ومن أحاط بها معرفة يقطع بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قالها...)) ا هـ. وقال أيضًا (ص 215): ((وأما الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الدالة على الرؤية فمتواترة، رواها أصحاب الصحاح والمسانيد والسنن)).

وانظر التعليق التالي (ص 79).