×
شرح المَنظُومَةُ الحائِيَّة

الدُّنيا، ولمَّا طلبَ مُوسى عليه السلام رُؤيةَ اللهِ - سُبحانه - في الدُّنيا: ﴿قَالَ رَبِّ أَرِنِيٓ أَنظُرۡ إِلَيۡكَۚ قَالَ لَن تَرَىٰنِي وَلَٰكِنِ ٱنظُرۡ إِلَى ٱلۡجَبَلِ فَإِنِ ٱسۡتَقَرَّ مَكَانَهُۥ فَسَوۡفَ تَرَىٰنِيۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُۥ لِلۡجَبَلِ جَعَلَهُۥ دَكّٗا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقٗاۚ فَلَمَّآ أَفَاقَ قَالَ سُبۡحَٰنَكَ تُبۡتُ إِلَيۡكَ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ [الأعراف: 143]، الجَبلُ الصُّلبُ تُرابًا مِن عَظَمَةِ اللهِ عز وجل فكيفَ يُطيقُ الآدميُّ رُؤيةَ اللهِ؟! هذا في الدُّنيا.

أمَّا في الآخرَةِ فإنَّ اللهَ يُعطي أهْلَ الجنَّةِ قُوَّةً يَستطيعونَ بها أن يَرَوْا رَبَّهُم عز وجل إكرامًا لهم، لمَّا آمنوا به في الدُّنيا ولم يَرَوْهُ أكْرَمَهم اللهُ، فتَجلَّى لَهم في الجنَّةِ ليَتلذَّذُوا برُؤيَتِه؛ كما دلَّ على ذلكَ القُرآنُ والسُّنَّةُ المُتواترَةُ.

وأمَّا الكفَّارُ فلمَّا لم يُؤْمِنوا به في الدُّنيا حَجَبَهم اللهُ عن رُؤْيتِه يومَ القِيامةِ، قالَ تَعالى: ﴿ كَلَّآ إِنَّهُمۡ عَن رَّبِّهِمۡ يَوۡمَئِذٖ لَّمَحۡجُوبُونَ [المطففين: 15]، فإذا كان الكفَّارُ مَحجوبينَ عَن رُؤيَةِ اللهِ، فهذا يُفْهَمُ منه أنَّ المُؤمنينَ لا يُحجَبُونَ عَن رُؤيَةِ ربِّهم، وإلاَّ كانَ الكُفَّارُ والمُؤمنونَ سَواءً في الآخِرَةِ، واللهُ فرَّقَ بَينَهم، وأكْرَمَ المُؤمنينَ بأنَّه يَتجلَّى لهم، أي: يظهَرُ لهم سبحانه وتعالى كما يَليقُ بجَلالِه، فيَرَوْنه عَيانًا بأبْصارِهم لا يتضامُّون في رُؤيَتِه ولا يَتضامُّونَ، يعني: لا يَتزاحَمونَ لرُؤيَتِه، يَرَوْنه عَيانًا بأبصارِهم، كما يَرونَ الشَّمسَ صَحْوًا ليسَ دُونها سَحابٌ، وكما يَروْنَ القَمرَ لَيلَةَ البَدْرِ،


الشرح