×
شرح المَنظُومَةُ الحائِيَّة

[مَذهَبُ الجَهميَّةِ في يَدَيِ اللهِ عز وجل ]

وَقَدْ يُنْكِرُ الجَهْمِيُّ أيضًا يَمِينَهُ

 

وَكِلْتا يَدَيْهِ بالفَوَاضِلِ تَنْفَحُ

*****

 الجهميُّ: هوَ الَّذي يكونُ على مَذهَبِ الجَهمِ بنِ صَفوانَ، الَّذي أخذَ مَذهَبَه عَنِ الجَعدِ بنِ دِرهَمٍ.

وقوْلُ النَّاظِمِ رحمه الله تعالى: «وقَدْ يُنكِرُ الجَهميُّ»: يعْنِي: أتْباعَ الجَهْمِ يُنكِرون الأسماءَ والصِّفاتِ، وهذا من مَذهَبِهِ الخَبيثِ، وإلاَّ فَلُه مَذهَبٌ قَبيحٌ في عِدَّةِ مَسائِلَ، ومِنها إنكارُ الأسماءِ والصِّفاتِ.

وقوْلُه: «وقَدْ»: هذهِ للتَّحقيقِ، مِثْلُ: قدْ قامَتِ الصَّلاةُ، ومِنه قَوْلُه تَعالى: ﴿لَّقَدۡ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوۡلَ ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ فَقِيرٞ وَنَحۡنُ أَغۡنِيَآءُۘ سَنَكۡتُبُ مَا قَالُواْ [آل عمران: 181] «قد» تأتي للتَّحقيقِ، وهوَ المُرادُ هُنا، وتأتِي للتَّقْليلِ، مِثْلُ: قدْ يَجودُ البَخيلُ، هذهِ للتَّقْليلِ.

وهيَ هُنا ليسَتْ للتَّقليلِ إنَّما هيَ للتَّحْقيقِ؛ كمَا في قَوْلِه تَعالى: ﴿قَدۡ يَعۡلَمُ ٱللَّهُ ٱلۡمُعَوِّقِينَ [الأحزاب: 18]، هذهِ للتَّحقيقِ.

قوْلُه: «أَيْضًا»: أي: كما أَنكَرَ رُؤيَةَ اللهِ عز وجل فإنَّه - أيْضًا - يُنكِرُ إثباتَ اليَدَيْنِ للهِ عز وجل.

واللهُ لهُ صِفاتٌ ذاتِيَّةٌ مِثْلُ: اليَديْنِ، والوَجْهِ، والقَدمَيْنِ والأصابعِ، ولهُ صِفاتٌ فِعْليَّةٌ مِثْلُ: النُّزولِ، والاسْتواءِ، والكَلامِ، والخَلْقِ.

فكلُّ ما جاءَ الدَّليلُ بإثِباتِه للهِ مِن صِفاتِ الذَّاتِ فإنَّنا نُثْبِتُه للهِ عز وجل خِلافًا للمُعطِّلَةِ الَّذينَ يَنفُون أسماءَ اللهِ وصفاته، وعلى رأسِهِمُ الجَهميَّةُ، وخِلافًا للمُمثِّلةِ الَّذينَ يَغْلُون في الإثْباتِ، حتَّى يُشبِّهوا صِفاتِ اللهِ


الشرح