بصِفاتِ خَلْقِه،
فهُم على طَرَفَي نَقِيضٍ، فهُؤلاءِ غَلَوْا في التَّنزِيهِ حتَّى نَفُوا أَسماءَ
اللهِ وصِفاتِه، وهؤلاءِ غَلَوْا في الإثباتِ حتَّى شَبَّهُوا اللهَ بخَلْقِه.
وأهْلُ السُّنَّةِ
والجماعَةِ وَسَطٌ بيْنَ الفَريقَيْنِ، فيُثْبِتونَ للهِ ما أثْبَتَه لنَفْسِه مِن
صِفاتِ الذَّاتِ وصِفاتِ الأفْعالِ، خِلافًا للمُعطِّلةِ، إثباتًا بلا تَمثيلٍ،
خِلافًا للمُشبِّهةِ؛ كما قالَ تَعالى: ﴿ لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ
وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ﴾ [الشورى: 11]
فقَوْلُه: ﴿لَيۡسَ
كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ ﴾ [الشورى: 11]: هذا رَدٌّ على المُمثِّلَةِ.
وقوْلُه: ﴿وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ
ٱلۡبَصِيرُ﴾ [الشورى: 11]: هذا
رَدٌّ على المُعطِّلَةِ.
هذا مَذهَبُ أهْلِ
السُّنَّةِ والجماعةِ.
واللهُ جل وعلا لهُ
صِفاتٌ ذاتيَّةٌ، وله صِفاتٌ فِعليَّةٌ؛ كالاستواءِ، والنُّزولِ، والخَلقِ،
والرِّزقِ، والكَلامِ، كلُّ ذلكَ من صفاتِ أفعالِه سبحانه وتعالى.
ومِن صِفاتِه
الذَّاتيَّةِ: اليَدانِ، وقد جاءَ إثْباتُهُما في كلامِ اللهِ عز وجل وفي سُنَّةِ
رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
كقَوْلِه تَعالى: ﴿وَٱلسَّمَٰوَٰتُ
مَطۡوِيَّٰتُۢ بِيَمِينِهِۦۚ﴾ [الزمر: 67]، وقولِه
تَعالى: ﴿قَالَ
يَٰٓإِبۡلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسۡجُدَ لِمَا خَلَقۡتُ بِيَدَيَّۖ﴾ [ص: 75] يعني: آدمَ
عليه السلام.
وفي الحَديثِ: «يَدُ اللهِ مَلأَْى سَحَّاءُ اللَّيلَ وَالنَّهَارَ» ([1]). وغيرُ ذلكَ منَ الأحاديثِ الصَّحيحةِ الَّتي فيها إثباتُ اليَديْنِ، واليَدُ للهِ عز وجل علَى مَعناهُما المَعروفِ في اللُّغةِ.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (7419) ومسلم رقم (993).