×
شرح المَنظُومَةُ الحائِيَّة

فهُما يَدانِ حَقيقيتانِ، لكن لَيسَتا كَيَدَيِ المَخلوقينَ، بل هُما يَدانِ تَلِيقانِ بِجَلالِ اللهِ وعَظَمَتِه، لا يَعلَمُ كَيفَيَّتَهُما إلاّ اللهُ جل وعلا.

فنحْنُ نُثْبِتُهما على مَعناهما الحقيقيِّ، ونَنفِي عنهُما التَّمثيلَ والتَّشبيهَ، فلا يُشْبهانِ يَدَي المَخلوقِ، هذا هوَ مَذهَبُ أهْلِ السُّنَّةِ والجماعَةِ، تَمَشِّيًا على كِتابِ اللهِ وعلى سُنَّةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، شَأْنُهم في ذلكَ شَأْنُهم في بَقيَّةِ الأسماءِ والصِّفاتِ للهِ عز وجل.

أمَّا أهْلُ التَّعطيلِ الَّذينَ يَنفُونَ اليَديْنِ عنِ اللهِ جل وعلا كما يَنفُون عنهُ سائِرَ الصِّفاتِ، فإنَّهم يُؤوِّلُونَ اليَدَ بِمَعنى القُدرَةِ، أو بمَعْنى النِّعْمَةِ.

يُؤوِّلُونها بمَعْنى القُدرَةِ، فيَقولُون: مَعْنى: ﴿لِمَا خَلَقۡتُ بِيَدَيَّۖ [ص: 75]: أي: بقُدْرَتِي!

فيُقالُ لهُم: اللهُ جل وعلا ذكَرَ اليَديْنِ بلَفْظِ التَّثْنيَةِ، فهلِ اللهُ جل وعلا له قُدْرتانِ أو قُدْرةٌ واحدَةٌ؟!

فلا يُوجَدُ إلا جَوابٌ واحِدٌ، هوَ: إنَّ اللهَ لهُ قُدرةٌ واحِدةٌ، ولا يَصحُّ أنْ يُقالَ له قُدرتانِ.

وفي قوْلِه: ﴿لِمَا خَلَقۡتُ بِيَدَيَّۖ [ص: 75]: هل يُقالُ مَعناهُ بقُدْرتيّ؟! لا أحَدَ يَقولُ هذَا.

وأمَّا تَأوِيلُها بالنِّعمَةِ؛ فكأنْ تَقولَ: لكَ يدٌ عِندِي. أي: لكَ نِعْمةٌ عِندِي!

فإذا قالَ قَائِلُهم: مَعنَى ﴿لِمَا خَلَقۡتُ بِيَدَيَّۖ [ص: 75]: بنِعْمَتيَّ!

يُقالُ له: هلِ اللهُ جل وعلا ليسَ له إلا نِعْمتانِ فَحَسْب، أمْ أنَّ جَميعَ النِّعمِ مِنه سبحانه وتعالى ؟!


الشرح