×
شرح المَنظُومَةُ الحائِيَّة

ثمَّ - أيضًا - لا فَرْقَ بينَ آدَمَ وغَيرِه إذا فُسِّرَتِ اليَدُ بالقُدرةِ، فإنّ اللهَ خلَقَ جميعَ الخَلقِ بقُدْرتِه سبحانه وتعالى، فلا مَزِيَّةَ لآدمَ على غيرِه منَ البَشرِ، واللهُ جل وعلا ميَّزَهُ بقَوْلِه: ﴿لِمَا خَلَقۡتُ بِيَدَيَّۖ [ص: 75]. فهذا وَجْهُ الرَّدِّ على هَؤلاءِ.

وأمَّا المُمثِّلَةُ فيَردُّ عليهِم القُرآنُ بقَوْلِ اللهِ تَعَالى: ﴿لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ [الشورى: 11] وقوْلِه: ﴿وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدُۢ [الإخلاص: 4]، وقوْلِه: ﴿هَلۡ تَعۡلَمُ لَهُۥ سَمِيّٗا [مريم: 65]، وقوْلِه: ﴿فَلَا تَجۡعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادٗا وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ [البقرة: 22]، والنِّدُّ: هوَ الشَّبيهُ والمَثيلُ، فنَهَى أن نَجْعَلَ للهِ أَشْباهًا وأَمْثالاً مِن خَلْقِه سبحانه وتعالى، فاللهُ ليسَ كَمِثْلِه شَيءٌ.

فهَذا هوَ مَذهَبُ الجَهميَّةِ في مَسألَةِ اليَدَيْنِ للهِ عز وجل، وهذا الرَّدُّ عليهم فيما تَأوَّلُوهُ، ومَذهَبُ المُمثِّلةِ والمُشبِّهَةِ - أَيضًا - والرَّدُّ عليهم مِن كلامِ اللهِ سبحانه وتعالى.

واللهُ جل وعلا يقولُ: ﴿وَٱلسَّمَٰوَٰتُ مَطۡوِيَّٰتُۢ بِيَمِينِهِۦۚ [الزمر: 67].

وجاءَ لَفظُ اليَمينِ والشِّمالِ في الحَديثِ، ثمَّ قالَ صلى الله عليه وسلم: «وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمْينٌ» ([1])، فَهي شِمالٌ بمَعْنى اليَمينِ؛ وذلكَ تَنزِيهًا ليَدِهِ عز وجل منَ التَّنقُّصِ؛ لأنَّه إذا سَمِعَ السَّامعَ إثْباتَ الشِّمالِ للهِ فرُبَّما يَقعُ في نَفْسِه أنَّها مِثْلُ شِمالِ المَخلوقِ؛ لأنَّ يَدَ المَخلوقِ الشِّمالِ ليسَتْ مِثْلَ اليَمينِ، بلْ أنقَصُ، والشِّمالُ - كما هوَ مَعلومٌ - لإزالَةِ الأَذى والتَّنظيفِ، وأمَّا اليَمينُ فهِيَ لمَا يُستَطابُ، والأخْذِ والإعطاءِ، والأكْلِ والشُّربِ، وغيرِ


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (1827).