ذلكَ، فإذا سَمِعَ السَّامعُ إثباتَ الشِّمالِ
للهِ، رُبَّما يَقعُ في نَفْسِه أنَّها أنقَصُ منَ اليَمينِ كما في المَخلوقِ،
فالنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم نَفَى هذا التَّوهَّمَ، وقالَ صلى الله عليه وسلم: «وَكِلْتَا
يَدَيْهِ يَمِينٌ».
قوْلُ النَّاظِمِ رحمه الله تعالى: «وَكِلْتَا
يَدَيْهِ»: أي: يَدَي اللهِ جل وعلا.
«بالفَوَاضِلِ»: أي: بالعَطاءِ
والنِّعَمِ.
«تَنفَحُ»: يعني: تُعْطي
الخَلْقَ، وتُمِدُّهم.
وفي الحَديث: «يَدُ
اللهِ مَلأَْى سَحَّاءُ اللَّيلَ وَالنَّهَارَ، أَلَمْ تَرَوْا مَا أَنفَقَ مُنذُ
خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَْرْضَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَمِينِهِ» ([1])، فهوَ جل وعلا
يُعْطِي العَطاءَ الَّذي لا حدَّ له ولا نِهايَةَ، يُعطيهِ بيَدِه الكَريمَةِ لعِبادِهِ.
هذا مَعنى قوْلِه: «كِلْتَا
يَدَيْهِ بِالْفَوَاضِلِ» أي: بالعَطايَا والأفْضالِ منَ اللهِ.
قوْلُه: «تَنفَحُ»:
يعني: مُستمِرَّةٌ في العَطاءِ الَّذي لا يَنقَطِعُ منَ اللهِ سبحانه وتعالى.
واليهودُ - قبَّحهمُ
اللهُ - لمَّا وَصَفوا اللهَ جل وعلا بالبُخْلِ وقالوا: ﴿يَدُ ٱللَّهِ
مَغۡلُولَةٌۚ﴾ [المائدة: 64]،،
فقالَ اللهُ سبحانه وتعالى: ﴿غُلَّتۡ
أَيۡدِيهِمۡ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْۘ بَلۡ يَدَاهُ مَبۡسُوطَتَانِ﴾ [المائدة: 64]،
يعني بالجُودِ والعَطاءِ والكَرَمِ.
***
([1]) أخرجه: البخاري رقم (4684)، ومسلم رقم (993).
الصفحة 5 / 193