[قول الواقفة في القرآن]
ولا تَكُ في القُرآنِ
بِالْوَقْفِ قَائِلاً |
|
كما قالَ
أَتْباعٌ لِجَهْمٍ وَأَسْجَحُوا |
*****
قولُ النَّاظمِ رحمه الله تعالى: «ولاَ
تَكُ في القُرآنِ بالْوَقْفِ قَائِلاً»:
منَ الجَهميَّةِ مَن
يُصرِّحُ بأنَّ القرآنَ مَخلوقٌ، وهُم رُؤوسُ الجَهميَّةِ.
ومِنهم مَن يقولُ:
أنا لا أقولُ مَخلوقٌ أو غيرُ مَخلوقٌ، بل أَتَوَقَّفُ!
وهذا شَيطانٌ
أخْرسُ؛ لأنَّه إذا توقَّفَ توهّمَ النَّاسُ أنَّ القُرآنَ مَخلوقٌ، فلا بدَّ منَ
البَيانِ، فإذا قالوا: مَخلوقٌ، فلا تَتَوَقَّفُ؛ لأنَّ مَعنى ذلكَ أنَّك
تُؤَيِّدُهم ولكنَّكَ لا تُصرِّحُ، فلا يجوزُ التَّوقُّفُ في هذا.
وهذا مَذهَبُ
الواقِفَةِ الَّذينَ لا يقولُون: مَخلُوقٌ أو غيرُ مَخلوقٍ، وهذا معناهُ كِتمانُ
بَيانِ الحقِّ، ويُعطي احتِمالاً لقَوْلِ الجهميَّةِ أنَّه صَحيحٌ، حيثُ لم يُرَدَّ
ولم يُفْضحْ ولم يُكْشفْ.
فالَّذي يَشكُّ في
أنَّ القرآنَ هل هوَ مَخلوقٌ أو غيرُ مَخلوقٍ ويَتوقَّفُ، هذا جَهميٌّ، وإلاّ لو
كانَ ليسَ جَهميًّا لصرَّحَ، وقال: القرآنُ غيرُ مَخلوقِ. ولكنَّه يَتستَّرُ
بالتَّوقُّفِ.
وهذا في الحقيقَةِ
أخْبَثُ منَ الجهميَّةِ؛ لأنَّهم صَرَّحوا وعُرِفَ مَذهَبُهم، أمَّا هذا فهو
يَخدَعُ النَّاسَ في أنَّه مُتورِّعٌ، ولا يَقدِرُ على القوْلِ بهذا الأمْرِ. فلا
يَكفي التَّوقُّفُ، بل لا بدَّ منَ التَّصريحِ ببُطلانِ هذا القوْلِ.
قولُه: «كما قالَ
أَتْباعٌ لجَهْمٍ وأَسْجَحُوا»:
جعلَهم مِن أتباعِ الجَهميَّةِ؛ لأنَّهم لو لم يكونوا مِن أتْباعِ الجَهميَّةِ لمَا
الصفحة 1 / 193