قال تعالى: ﴿قَٰتِلُوهُمۡ يُعَذِّبۡهُمُ
ٱللَّهُ بِأَيۡدِيكُمۡ وَيُخۡزِهِمۡ وَيَنصُرۡكُمۡ عَلَيۡهِمۡ وَيَشۡفِ صُدُورَ
قَوۡمٖ مُّؤۡمِنِينَ ١٤ وَيُذۡهِبۡ
غَيۡظَ قُلُوبِهِمۡۗ وَيَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَىٰ مَن يَشَآءُۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ
حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 14- 15].
قوله: ﴿وَيَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَىٰ
مَن يَشَآءُۗ﴾؛ أي: منهم، يدخلون في الإسلام، ويتوبون، فالجهاد فيه
مصالح عظيمة، وتعطيل الجهاد فيه أضرار عظيمة، حتى على الكفار أنفسهم؛ فإنهم
يُتْرَكون على الكفر وعلى الشرك، وهذا ليس من صالحهم، بل يدعون إلى الإسلام، ومن
أبى، فإنه يُقاتَل؛ لأنه عاند وتمرد، فهذا لا يترك يفسد في الأرض، وينشر الكفر
والإلحاد، فالجهاد رحمة حتى بالكفار؛ فإن منهم كثيرًا أسلموا، ودخلوا في الإسلام،
هداهم الله، وصاروا من أئمة المسلمين، صار منهم أئمة وعلماء، فصاروا من قادة
المسلمين، ولو تركوا، لبقوا على كفرهم، وصاروا إلى النار.
وفي الحديث: «يَضْحَكُ
اللهُ إِلَى رَجُلَيْنِ، يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الآْخَرَ كِلاَهُمَا يَدْخُلُ
الْجَنَّةَ»، فَقَالُوا: كَيْفَ يَا رَسُولَ اللهِ؟
قَالَ: «يُقَاتِلُ
هَذَا فِي سَبِيلِ اللهِ عز وجل فَيُسْتَشْهَدُ، ثُمَّ يَتُوبُ اللهُ عَلَى
الْقَاتِلِ، فَيُسْلِمُ، فَيُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ عز وجل فَيُسْتَشْهَدُ»
([1]). فمع أنه كافر
وقاتل، لكن لما تاب، تاب الله عليه وأدخله الجنة.
فالجهاد رحمة حتى للكفار، وأيضًا فيه إنقاذ للمستضعفين من وطأة الكفار: ﴿وَمَا لَكُمۡ لَا تُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلۡمُسۡتَضۡعَفِينَ مِنَ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَآءِ
([1]) أخرجه: البخاري رقم (2826)، ومسلم رقم (1890).