وَكَانَ
يُبَايِعُ أَصْحَابَهُ فِي الحَرْبِ عَلَى أَلاَّ يَفِرُّوا. وربما بايعهم صلى
الله عليه وسلم على الموت،
*****
فإنه ينتظر؛ حتى
تزول الشمس عن كبد السماء، وينكسر الحر في المساء، فإذا لم يبدأ في أول الصباح،
فإنه يبدأ في أول المساء.
كان النبي صلى الله
عليه وسلم يُبَايِعُ أَصْحَابَهُ - أي: يأخذ منهم البيعة والعهد - أَلاَّ
يَفِرُّوا إذا التحم القتال واشتد البأس، وأن يثبتوا؛ لأن هذه حالة حرجة تطيش فيها
الأحلام، فكان صلى الله عليه وسلم يؤكد على أصحابه أن يثبتوا.
قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُوٓاْ إِذَا لَقِيتُمۡ فِئَةٗ فَٱثۡبُتُواْ﴾ [الأنفال: 45]. اثبتوا أمام العدو.
وقال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُوٓاْ إِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ زَحۡفٗا فَلَا تُوَلُّوهُمُ ٱلۡأَدۡبَارَ﴾ [الأنفال: 15]،
فالمؤمنون إذا التقوا مع الكفار يثبتون، ولا يظهرون الهزيمة؛ فإن هذا من أسباب
النصر - بإذن الله-، ومن أسباب إرهاب العدو، فهذا من هديه صلى الله عليه وسلم في
الحروب، الثبات، ويأخذ البيعة من أصحابه على الثبات عند الحرب.
ربما بايعهم؛ أي: أنه يزيد في البيعة على الثبات أن يبايعهم على الموت؛ كما حصل ذلك في بيعة الرضوان في الحديبية؛ فقد بايع أصحابه على الموت، قال تعالى: ﴿لَّقَدۡ رَضِيَ ٱللَّهُ عَنِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ إِذۡ يُبَايِعُونَكَ تَحۡتَ ٱلشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمۡ فَأَنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ عَلَيۡهِمۡ وَأَثَٰبَهُمۡ فَتۡحٗا قَرِيبٗا﴾ [الفتح: 18]، وكان صلى الله عليه وسلم في الحديبية قد أرسل عثمان بن عفان رضي الله عنه إلى أهل مكة من أجل أن يتفاوض معهم، فأشيع أن عثمان