وهذا من عدم فقهه،
فإنه صلى الله عليه وسلم صالحهم قبل نزول الآية، ثم أمره الله أن يقاتل أهل الكتاب
حتى يعطوا الجزية، فلم يدخلوا في ذلك؛ لأن العقد كان قديمًا بينه وبينهم على
إقرارهم وأن يكونوا عمالاً في الأرض بالشطر، فلم يطالبهم بغيره، وطالب سواهم ممن
لم يكن لهم عقد كعقدهم.
*****
قوله: «وهذا من عدم
فقهه»؛ أي: عدم فهمه في النصوص، بعض الناس يأخذ بالظواهر، ولا ينظر إلى
معانيها، ومدلولاتها، وأسبابها، وعللها، وهذا نقص، وهذه طريقة الظاهرية، وهي
ناقصة، هذا ترك للفقه وأخذ بالظاهر فقط.
هذا هو السبب، أنه
صلى الله عليه وسلم لم يأخذ الجزية منهم؛ لأنه صالحهم قبل نزول آية الجزية، فاكتفى
بالصلح معهم؛ لأن غزوة خيبر قبل فتح مكة، وقبل نزول الآية.
أمره الله عز وجل أن
يقاتل أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية، ولم يدخل أهل خيبر في ذلك؛ لأنه صالحهم على أن
يبقوا يعملون، وأن يأخذوا شطر ما يخرج من الغلة، ويدفعوا للمسلمين الشطر الآخر.
فلا يجمع لهم بين هذين العقدين.
قوله: «فلم يطالبهم
بغيره»؛ أي: بغير العقد.
طالب سواهم من اليهود والنصارى ممن لم يتم بينهم وبين الرسول صلى الله عليه وسلم عهد.