لِمَنْ سأله عن تقديم أعمال يوم العيد بعضها عَلَى بعض: «افْعَلْ وَلاَ حَرَجَ» ([1]).
عَلَى كل تقديم وتأخير، وعلى تركٍ لبعض واجبات الْحَجِّ وأفعاله، فاستعمل هذا الدليل في غير محله، ونسي قولَ الله تَعَالَى: ﴿وَأَتِمُّواْ ٱلۡحَجَّ وَٱلۡعُمۡرَةَ لِلَّهِۚ﴾ [البقرة: 196]، ولا يحصل إتمام الْحَجِّ والعُمْرَة الَّذِي أمر الله به في هَذِهِ الآْيَة الكريمة إلاَّ بأداء كل منسك من مناسكهما في زمانه ومكانه كما حدَّدَه اللهُ ورسولُه، لا كما يقوله فلان أو يفتي به فلان من غير دليل وإنما يحصل تحت مظلَّة: «افْعَلْ وَلاَ حَرَجَ»، وَفِي غير الزمان والمكان والأفعال التي وَرَدَتْ فيها هَذِهِ الكلمةُ النبويةُ.
هل قَالَ الرسولُ لِمَنِ انصرف من عَرَفَة قبل الغروب: «افْعَلْ وَلاَ حَرَجَ»؟ هل قالها لِمَنْ يَرْمِي قَبْلَ الزَّوَالِ في أَيَّام التَّشْرِيق؟ هَلْ قَالَهَا لِمَنْ وَقَفَ بِنَمِرَةَ ووادي عُرَنَةَ ولم يَقِفْ بِعَرَفَةَ؟ هَلْ قَالَهَا لِمَنْ ينصرف مِنْ مُزْدَلِفَة قبل منتصف اللَّيْل؟ هَلْ قَالَهَا لِمَنْ لم يَبِتْ في مُزْدَلِفَة في ليلتها وَفِي مِنًى لَيَالِي أَيَّام التَّشْرِيق وَهُوَ يَقْدِر عَلَى الْمَبِيت في مُزْدَلِفَة وَفِي منى؟ هَلْ قَالَهَا لِمَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ مِنْ غَيْرِ طَهَارَة؟ إِنَّهُ لاَ بُدَّ أن تُوضَع الأُْمُور في مواضعها والأدلَّة في أماكنها، ولاَ بُدَّ أن يُبيَّن الإطلاقُ والإجمالُ، كما قَالَ العلاَّمةُ ابنُ القيِّم:
وعليك بالتفصيل فالـ ***إجمال والإطلاق دون بيان
قد خبطا هذا الوجود وشوش*** الأذهان والأفهام كل أوان
ولا ننسَ أن الْحَجَّ جهاد، والجهاد لاَ بُدَّ فيه من مَشَقَّة وليس هو رحلة ترفيهية، وقد وسَّعَ اللهُ الزمان والمكان لأداء المناسك، فلا حاجة
([1])أخرجه: البخاري رقم (83)، ومسلم رقم (1206).