حُكْمُ مُنْكِر فرضيَّة الْحَجِّ وحُكْمُ المتهاون به
قال الله تَعَالَى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ
حِجُّ ٱلۡبَيۡتِ مَنِ ٱسۡتَطَاعَ إِلَيۡهِ سَبِيلٗاۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ ٱلۡعَٰلَمِينَ﴾ [آل عمران: 97]،
هَذِهِ الآْيَة فيها بَيَانُ حُكْمِ مَنْ جَحَدَ فرضيَّةَ الْحَجِّ أو تَهَاوَنَ
بها.
فَمَنْ أَبَى أن يحجَّ
جاحدًا فرضيَّةَ الحجِّ، فإنه كافر:
إذا قال: إنَّ الْحَجَّ لا
يَجِب عَلَى المستطيع، فقد كَفَرَ؛ لأنه مُكذِّبٌ لله ولرسوله ولإجماع المسلمين؛
لأن الْحَجَّ رُكْنٌ من أركان الإسلام، فمَنْ جَحَدَ وُجُوبَهُ، كَفَرَ؛ لأنه
جَحَدَ ركنًا من أركان الإسلام.
أمَّا مَنْ تركه
تكاسلاً، وَهُوَ يعترف بوجوبه، فهذا يَجِب عَلَيْهِ المبادرةُ بالحجِّ، ويجب عَلَى
وليِّ الأمر أن يُلْزِمَهُ؛ لأنَّ عُمَرَ رضي الله عنه كَتَبَ إلى أمرائه بأن
يَنْظُرُوا كلَّ مَنْ لَهُ جَدَةٌ، وَلَمْ يَحُجَّ، فيضربوا عليهم الجِزْيَة؛ مَا
هُمْ بمسلمين.
وذلك لأنَّ الْحَجَّ
رُكْنٌ من أركان الإسلام لا يَجُوز التساهل به؛ ولهذا قال: «وَلَمْ يَحُجَّ»،
فإن كان يرى أَنَّهُ غَيْرُ واجبٍ وَهُوَ مستطيعٌ، فهو كافرٌ بالإجماع، وإن كان
يرى أَنَّهُ واجب لكنه متكاسل، فهذا يُلْزَمُ بالحجِّ كَمَا يُلْزَمُ بالصلاة، فلو
أَنَّ إنسانًا امتنع عن الصلاة، فإنه يُلْزَمُ بالصلاة، ولو امتنع عن أداء الزكاة،
فإنه يُلْزَمُ بأداء الزكاة، ولو امتنع عن صيام رمضان، فإنه يُلْزَمُ بصيامه،
وكذلك مَنِ امتنع عن الحَجِّ، وَهُوَ يَقْدِرُ، وليس له عُذْرٌ، فإنه يُلْزَمُ
شَرْعًا بأن يَحُجَّ.
****