هذه المناسك التي
تُفعَل فِي يوم العيد، وإذا شُقَّ عَلَيْهِ فِعْلُها كُلِّها فِي يوم العيد، فلا
بَأْسَ أن يُؤَجِّلَ بَعْضَهَا إلى يومٍ آخَرَ.
ويومُ العيدِ لا
يُرمَى فيه إلاَّ الجَمْرَةُ الْكُبْرَى، وهي آخِرُ الجَمَرَاتِ مِمَّا يَلِي
مَكَّةَ، وتُسَمَّى جَمْرَةَ العَقَبَةِ؛ لأنها كانَتْ فِي أَصْلِ جَبَلٍ يُصْعَدُ
إليه، والعَقَبَةُ هي الطَّرِيقُ فِي الجَبَلِ، وكانَتْ مُتَّصِلَةً بأَصْلِ
الجَبَلِ، وأُزِيلَ الْجَبَلُ لأَِجْلِ التَّوْسِعَةِ عَلَى النَّاسِ فِي عَهْدِ
الْمَلِكِ عبد العزيز رحمه الله، فصارَتِ الجَمْرَةُ بَارِحَةً ليس عِنْدَهَا
جَبَلٌ؛ لأَِجْلِ التَّوْسِعَةِ عَلَى الناسِ، ولكن بَقِيَ الاسم، فتُسَمَّى
جَمْرَةَ العَقَبَةِ؛ بناءً عَلَى الأصل، فيَرْمِيها إِذَا وَصَلَ إليها بسَبْعِ
حَصَيَاتٍ.
مِنْ أَيْنَ
يُلْتَقَطُ الْحَصَى؟
بَعْضُ النَّاسِ
يعتقد أَنَّهُ لاَ بُدَّ أن تُؤخَذ الحصى من مُزْدَلِفَةَ؛ ولذلك يَجْمَعُونَ
كُلَّ حصى الأيام، يَجْمَعُونَ سبعين حصاةً، ويأخذونها، وهذا ليس بِلاَزِمٍ، بل يُؤخَذ
الحصى من مُزْدَلِفَةَ، أو من الطريق، أو مِنْ مِنًى، والرسولُ صلى الله عليه وسلم
فِي هذا اليوم لم يَأْخُذْ إلاَّ سَبْعَ حَصَيَاتٍ من الطريق بعدما انصرف من
مُزْدَلِفَةَ إلى مِنًى، أَمَرَ الْفَضْلَ بنَ العَبَّاسِ ابنَ عمِّه «أن
يَلْقُطَ له الحصى، فلَقَطَ له سَبْعَ حَصَيَاتٍ مِثْلَ حصى الخَذْفِ».
والخذف هو الَّذِي يُخْذَف عَلَى الأصابع، وقد حَدَّدُوه بأنه قريبٌ مِنْ حَبِّ الحمص، ليس كبيرًا، ولا صغيرًا، ليس كبيرًا جدًّا، ولا صغيرًا جدًّا، بل عَلَى قَدْرِ مَا تَخْذِفُهُ عَلَى رُؤُوسِ أَصَابِعِكَ، فَأَخَذَ صلى الله عليه وسلم الْحَصَيَاتِ السَّبْعَ، ونَفَضَهَا، وقال: «بِأَمْثَالِ هَؤُلاَءِ فَارْمُوا، وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ» ([1])؛ يعني: لا تَغْلوا فِي الْحَصَى بأن تأخذوا حَصًى كِبَارًا.